الأحد، 10 أغسطس 2014

من أهَل برام لنيل الجائزة ؟ / عثمان جدو


من المعروف أن حقوق الإنسان هي مجموعة الحقوق والحريات , المستحقة لكل شخص , لمجرد كونه إنسان , وهي تستند في مفهومها على الإقرار بما لجميع البشر من قيمة وكرامة أصلية فيهم , فكل البشر يستحقون التمتع بالحريات الأساسية  ,والتي يعتبر توفيرها  لب حقوق الإنسان ,
 فبتوفير هذه الحريات يستطيع المرء التمتع بالأمن والأمان , ويصبح قادرا على اتخاذ القرارات التي تنظم حياته , وطبعا يختلف مفهوم هذه الحقوق ونوع هذه الحريات باختلاف البيئات والمجتمعات , ومهما كانت الحقوق مدنية أو سياسية مثل الحق في الحياة والكرامة والمساواة أمام القانون وفي حرية التعبير , أو اقتصادية واجتماعية وثقافية مثل الحق في العمل والضمان الاجتماعي والتعليم , أو حقوق جماعية , مثل الحق في التنمية وتقرير المصير , فهي حقوق غير قابلة للتجزئة , وهي مترابطة و متآزرة , ومن شأن تحسين أحد الحقوق أن يسهل الارتقاء بالحقوق الأخرى , وبالمقابل فإن الحرمان من أحد الحقوق يؤثر بشكل سلبي على الحقوق الأخرى .
وبالنسبة لمسار الحقوق في بلادنا بشكل عام ومنذ نشأة الدولة , فقد ظهر أفراد وجماعات في فترات متباينة , وبشعارات وأساليب مختلفة , لكننا هنا سنقتصر على الإشارة إلى مجموعتين , من باب ضرب الأمثلة فقط لا للدراسة ولا للجمع والحصر..
فمثلا وجدت مجموعة من الحقوقيين مع وجود الدولة الفتية , بداية الستينات , عندما كانت الحقوق بصفة عامة في جيلها الأول , وكان المطلب الأساسي للحقوقيين آنذاك , هو حق الحرية والكرامة والتملك مثلا ومع تقدم الزمن وانصهار العالم وانتشار الوعي في البلدان النامية ,والبحث عن حقوق أكثر تقديرا للأشخاص , وأكثر اعترافا لهم بإنسانيتهم , وصلت الحقوق إلى جيلها الثاني وتم الانتقال من طلب حق الحياة والكرامة إلى المطالبة بالإسهام في صنع القرار وتقلد المناصب الحكومية , وحصل ذلك مع بعض الحقوقيين في البلاد آنذاك , وأعتبر في ما بعد أن ذلك كان من الحلم الذي صار واقعا .
بعد ذلك ظهر جيل جديد من الحقوقيين , أثاروا عواطف الجميع بأساليبهم وطرائقهم المختلفة , وكان أبرز هؤلاء المناضل , بيرام أو الثائر كما يصفه البعض , والعنصري بامتياز حسب البعض الآخر , أو العميل والصناعة الفرنسية , كما يحلو للبعض في وصف الرجل , أو المقرب الإسرائيلي أو العميل العزيزي كما يصفه البعض , ويبرر ذلك بزعمه إنقاذ الرجل للموقف , عندما كانت منسقية المعارضة تضيِق الخناق جدا على نظام الرئيس عزيز , حينها قام الرجل بحرق الكتب الفقهية في حادثته الشهيرة , والتي صرفت الرأي العام عن مطلب إسقاط النظام ..!!
وحصل بعدها تعاطف كبير مع الرئيس عزيز , خصوصا عندما أعلن يومها عن عزمه   تطبيق الشريعة الإسلامية ..!!
وبعدها ذاع صيت بيرام خارجيا ثم داخليا , وتميز هو وجماعته بأساليبهم الخاصة ومناهجهم الفريدة , وطبعا ينكر عليهم الكثيرون ذلك , رغم توافق البعض معهم في مبدأ المطالبة بالحقوق الإنسانية المشروعة , والمكفولة لكل شخص على وجه الأرض , بفعل إقرار الدساتير والمعاهدات الدولية لها ورعايتها لذلك , وطبعا استفاد الرجل وجماعته من وصول الحقوق بصفة عامة إلى جيلها الثالث , والذي تتركز الحقوق فيه بالإضافة إلى حصول المطلوب في الجيلين السابقين من الحقوق (حق الحياة . الكرامة .التملك .التعبير . صنع القرار.تقرير المصير..إلخ ) إضافة إلى ذلك  تحقيق الرفاه الاجتماعي في مختلف جوانب الحياة , والتي تنعدم أدنى مستوياته في آدوابه التي ركزت جماعة (إيرا) نشاطها عليها وعلى كشف بعض الحالات التي تظهر خرق حقوق الإنسان الواقعة في محيطها , وعمدوا إلى استجلاب بعض الحالات , ومتابعة بعض الأفراد القادمين من آدوابة والمتضررين من التجاهل والتهميش والفقر المدقع ,وكشف بعض الحالات التي تدعم أجندة الحركة وتلمع صورتها , وقدموا نماذج وشكايات كثيرة إلى العدالة , وذلك بأساليب لم تكن مرضية عند البعض لكنها أثارت العواطف وحركت الرأي العام الدولي قبل الوطني ..
إن مشكل آدوابة الضارب في القدم ,  يعد الرافد الأكبر والمزود الأساسي لكنانة برام وغيره , وبوجود واستمرار ظاهرة آدوابة المؤسفة تحت وطأة الفقر والجهل والتخلف والحرمان , سيظل المجتمع والحكومة ينتجون بيرام وأمثاله في أثواب قد تكون أخطر وأعنف وأكثر تمردا يوما بعد يوم , وبذلك يكون الكل ساعد في ظهور هكذا أشخاص , وجعل منهم أبطالا ورموزا وأهلهم إلى نيل ما يقلدهم به الغرب من ميداليات وشعارات .. فإلى متى يتجاهل المجتمع والحكومة ظاهرة شغلت ماضينا وتعكر صفو حاضرنا ويتوقف عليها مستقبلنا ؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق