السبت، 29 يوليو 2023

تعليق سريع على توجيه هام

قبل أيام تداول نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مقاطع فيديو لمهرج معروف؛ تمجد بعض الأشخاص والقبائل، وذلك أثناء تخرج دفعة جديدة من الطلبة الضباط في الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بأطار، وهو المكان الذي ينبغي أن يظل محصنا بجوامع الوطنية وروح التلاقي؛ بعيدا عن الامتهان القبلي والانزواء العشائري. لقد أطلق هذا المهرج العنان لحباله الصوتية بتمجيد بعض القبائل تزلفا لبعض الأسماء التي تمر أمام عينيه من أصحاب الرتب والنياشين، وغره تغافلهم عن استحضاراته المغرضة المنافية لأخلاق ومبادئ الدولة المدنية، التي يفترض فيها أن تذوب ميزة الأسماء بين أبنائها، وتختفي الفوارق بين ألوانهم ليظهر لون العلم فقط، وتختفي الشعارات القبلية أمام شعار وختم الدولة الجامعة. إن استدرار النفس القبلي وكل المفاهيم الرجعية أمام صفوة القادة العسكريين فيه تجن كبير على هيبة الدولة وإظهارها كوعاء خرق للقبيلة في صورتها غير المثالية؛ لكن مما يعيد إلى النفس سكينتها وأمانها؛ الوقوف على التعميم الداخلي المنشور في وسائل الإعلام؛ الصادر عن قيادة الأركان والذي يحمل عنوان التوجيه؛ وهو حقا توجيه في محله وأوانه فلقد بلغ السيل الزبى؛ بل تجاوز الربى. لقد ذكر التوجيه بوضوح أن الذي وقع خطأ فادح يجب أن لا يتكرر، فتمجيد الأشخاص والقبائل لا يخدم المبادئ الوطنية الجامعة أبدا، هذا إن كان الخطاب حدث في سوق أو مكان عام مفتوح كملعب رياضي ونحوه، أما وقد صدر داخل ثكنة عسكرية أمام جيلين عسكريين متباينين، الأول يمثل الصفوة والقادة والقدوة، والجيل الثاني يمثل الضباط المتخرجين؛ أي جيل الرهان على المستقبل الآمن والمزدهر للبلاد! فالأمر أكثر فداحة وأنكى واشد مضاضة. لقد طالب التوجيه قادة التشكيلات العسكرية في المستقبل بالسهر على الحفاظ على هيبة الثكنة وعدم السماح لممتهني هذه المسلكيات بالولوج إليها مهما كانت الدواعي والأسباب؛ وحسنا تقرر. إننا في موريتانيا نحتاج إلى إعادة الترتيب لكثير من المظاهر التي أصبحت طاغية وصار كثير من أبنائنا يتلقونها ويتداولونها على أساس أنها من محامد الأمور؛ حتى أصبح المهرج عندهم حكيم المجتمع، وسوط الجلاد، ولسان الشاعر!، يهابه الجميع، ويدفعون له مكتنز أموالهم رغبة في ذكره لهم أو خشية تعريضه بهم!. أي حالة هذه تلك التي وصلنا إليها من انقلاب القيم، وشتات مكارم الأخلاق؟ علينا أن نقف ونتأمل ثم نراجع أنفسنا قليلا ونطوي هذا النوع من الصفحات الملوثة بسوء الممارسات، ونبدأ بأخرى جديدة نظيفة يكون فيها للاستقامة معنى، وللأمانة حرمة، وللمثابرة مقابل، ولا نظل تائهين حول تقييم نحوزه من تهريج المهرجين. بقلم: عثمان جدو