الأحد، 27 يوليو 2014

لماذا وزارة الدولة ... للفساد؟ (الحلقة الخامسة) / عثمان جدو

لقد شهدت المنظومة التربوية جملة من التحولات , تارة باسم التغيير وتارة باسم الإصلاح , وتعددت الإصلاحات والإلغاءات بفعل تعدد واختلاف المشارب الفكرية والرؤى للمسئولين عن هذا الحقل المتعاقبين عليه تعاقب الحكومات والسلط , لكن الطابع العام لهذه التغييرات والإصلاحات  هو تسفيه السابق وتزكية الحاضر حتى قبل تحقيق أبسط إنجاز , وإنما من باب { كل ما دخلت أمة لعنت أختها } وانطلاقا من قاعدة ـ  كل قرن يسخر من سابقه ...!! , متذرعين دوما بالشعارات والتراكمات وإطلاق إعلانات مفادها أن البداية حانت مع فتح صفحة جديدة طابعها الإصلاح والتميز , وتجاوز تلك التراكمات والسعي دوما إلى كسب الوقت والتطبيل الإعلامي من خلال إلغاء كامل اللوم على السابقين ورد كل العوائق والإخفاقات إلى تقصيرهم وفسادهم , لكن الزمن لا يرحم  المتهاونين ولا يستر المقصرين محدودي الرؤية . ومع أننا إذا تجاوزنا كل تلك الشعارات وإلغاء التهم ومختلف أنواع الاستهلاك الأخرى  , سنجد أن الضحية دوما هو المواطن الذي ينتظر العطاء والخدمة من هذا المرفق أو ذاك , وكذا الحال بالنسبة للموظف الدائم في القطاع والذي يتأثر دوما بهذه السياسات , التي تعيده تارة إلى الوراء وتكبله وتشل حركة عطائه تارة أخرى , وبين هذا وذاك يضيع الوقت والجهد والعمر ومقدرات الدولة . وأخلص هنا إلى مثال بسيط يجسد بعض ما نقول ويتجلى في ضحية كبرى من ضحايا هذه الإصلاحات المتكررة وما يرافقها من شعارات , فمثلا  توجد الآن مجموعة كبيرة من أساتذة التعليم الثانوي (أساتذة المواد العلمية أصحاب الشهادات باللغة العربية) أقصتهم الوزارة تماما من مشهد التأثير التربوي , نظرا لكون المواد التي كانوا يدرسونها باللغة العربية وهي لغة التخصص بالنسبة لهم أصبحت تدرس باللغة الأخرى ـ الفرنسية ـ مما جعلهم غير قادرين على التواصل مع التلاميذ نظرا للتحول السريع في وجهة القطاع التابع دوما لأمزجة السياسيين الذين لا يفقهون كثيرا في مجال التربية , الذي يقتضي الإبداع فيه والتفوق التركيز على الدراسة باللغة الأم  دون وجود قيود لغوية تنضاف إلى قيود المواد العلمية التي يصعب اكتسابها أحيانا . وطبعا يستعان دوما في هذا المجال وهذه الإصلاحات بخبراء قد لا تنقصهم الخبرة والمعرفة الأكاديمية بقدر ما تنقصهم المهنية والابتعاد عن مجاملات الساسة والسعي وراء أمزجتهم التي تتغير بتغير ولائهم السياسي وأكثر , ولقد سبق وأن طالب هؤلاء الأساتذة بتكوين يمكنهم من التعاطي مع التلاميذ واقترحوا لذلك سنة على الأقل , لكن الوزارة عرضت عليهم تكوين لمدة مائة ساعة فقط , أبالله عليكم هل تكتسب لغة أي كانت في هذه الفترة الوجيزة ؟ , أحرى أن ينتظر من مكتسبها في هذه الفترة أن يكون مدرسا متمكنا محاضرا أمام تلاميذه الذين ينتظر منهم حمل مشعل التنمية في البلاد ,  إنما هو نوع من أنواع اللامبالاة واستهلاك الوقت والعمل على الأفق الضيق والأمد القريب دون بذل الجهد الأكبر ودون مراعاة حقوق الأجيال القادمة . إن المتتبع للعالم اليوم يدرك أن أمما رسمت طريقا واضحا نحو النجاح وحققت طفرات صناعية وتكنولوجية كبرى بالاعتماد على لغاتها الأم التي لا يختلف  اثنان على تعقيدها (الصين . اليابان . روسيا . إيران ....إلخ ) . وطبعا خريجي الجامعات العربية من أطرنا خير دليل على أن اللغة العربية لم تقف ولن تقف عائقا أمام التحصيل , فالدكاترة والمهندسين خريجي جامعات سوريا والأردن والعراق  موجودون في الوطن ومتميزون جدا سواء في مجال الطب أو الاتصالات أو في المجالات الأخرى . وأعرج هنا في الأخير إلى ظاهرة مقيتة تطغى على مختلف إدارات الوزارة تتمثل في الضعف الواضح لتعاطي موظفيها مع التكنولوجيا الجديدة والتي أصبحت هي المقياس الحقيقي للأمية , فلا يخفى عليك وللوهلة الأولى عجز هؤلاء الموظفين عن مواكبة السرعة المطلوبة للتعامل مع شبكة المعلوماتية ويكفي للإطلاع على ذلك الدخول إلى بعض المكاتب الموجودة في الوزارة لتكتشف بأم  عينك أن هؤلاء الموظفين لا يصلحون لما أسند إليهم , وقد يستغرق أحدهم لفتح حافظة على مكتب الحاسوب أمامه بضع دقائق , أما كتابة المعلومات وتدوين الملاحظات فحدث ولا حرج , هذا مع إفساد مشين لأسماء الوسائط والبرامج المستخدمة  مع البط ء  الشديد في سحب المعلومات والوثائق التي ينتظم زوار الوزارة في انتظارها . إلى متى الاحتفاظ بهذا النوع من الأشخاص المعيقين لحركة التنمية وجودة العطاء وانسيابية العمل في أماكن لا يستحقونها ؟ يتواصل بإذن الله لكن إلى حين .

لماذا وزارة الدولة ... للفساد؟ (الحلقة الرابعة) / عثمان جدو

لا تخفى على أي كان أهمية التأطير في إنعاش المنظومة التربوية والدفع بها إلى الأمام وتكييف العطاء التربوي مع المتطلبات الميدانية , لكن الوزارة أحيانا تعطله عن قصد أو عن غير قصد . فمثلا قامت الدولة بتقليص الميزانيات المخصصة لإدارات التعليم الجهوية والمفتشيات , والهدف من ذلك كما هو مزعوم تقليل النفقات من أجل تسيير أمثل لموارد الدولة , وتضييقا للخناق على الفساد والصرف الغير معقلن  , وهذا خيارسليم إذا كان الأمر بهذه الصورة سيوفربعض أموال الدولة المهدورة دون تعطيل أو شل حركية مرفق هام جدا وحيوي , و الواقع أن هذه المبالغ المقلصة من هذه الإدارات أهدرت في أماكن أخرى ولم يعد نفعها على المواطن ولا على مرافق الدولة وإنما ملئت بها جيوب المفسدين وانتفخت بها أوداجهم , وجعلوها أداة لفساد أبنائهم ووقودا لسياراتهم التي يلعبون بها (اتكاسكادي) بتهور في كل شارع ضيق دون التمييز بين المناطق الآهلة بالسكان والمدارس والأسواق وبين الأماكن الشاسعة الخالية من البشر , إنما هي هستيريا البطش والتهور واللعب بالمال العام يورثها هؤلاء لأبنائهم .
ومع أن ثراء الآباء ينبغي أن يكون عاملا مساعدا على صلاح الأبناء بدراستهم دراسة جيدة وتمكينهم من النجاح في الحياة بتوفير العناصر الضرورية لذلك , لكنه في بلادنا صارأداة لفساد الأبناء بتوفير سيارات فاخرة في سن المراهقة من مال الدولة المنهوب طبعا وملء جيوب هؤلاء المراهقين ليطلق لهم العنان بذلك للتردد على حانات الخمور ودور الفجور واعتياد ذلك في المستقبل.
كما أحجمت الدولة عن إصلاح السيارات المتعطلة والتي كانت تعتمد عليها هذه الإدارات في عملها , سواء بالوقوف على الطاقم في أماكن العمل أو توزيع الوثائق والتعميمات وتوصيل المعدات واللوازم والتأطير إلى غير ذلك من الأعمال الضرورية لهذا القطاع ,  فلقد شلت حركة هذه الإدارات بتعطيل هذه السيارات وتوقفها وقلَ العمل التأطيري بذلك بل تم اختزاله في جولة واحدة عند نهاية السنة الدراسية نهاية شهر مايو تحديدا مع أن هذه الجولة لايخصص لها سوى ثلاثة أيام أو أربعة على الأكثر ولايمكن أن تستهدف المدارس جميعا لضيق الوقت ومن باب الاكتفاء بعينات فقط ,ومعروف أن التأطيرالناجح الذي تنتظر منه الإضافة يقتضي
أن يكون في مراحل متتالية تكشف العيوب والنواقص التي يكون عليها مدار العمل في المستقبل , وطبعا نجاح التأطير بشكل عام يكمن في معالجة هذه النواقص والقضاء على تلك العيوب قبل آخر زيارة تأطيرية (نهاية السنة الدراسية) .فلماذا لاتهتم الوزارة بالتأطير؟ ولماذا لا يفهم أويدرك وزير الدولة ووزراؤه من بعده الأهمية البالغة التي يحتلها التأطير في التأثير على العملية التربوية سلبا أوإيجابا في حال وجوده من عدمه ؟
إن أي تصور لنجاح عملية تأطيرية لا تراعي النواقص ولا يعمل فيها من أجل القضاء على العيوب ولا تنتهج لها خطة عملية في جلسات متتالية ومتعددة لايمكن أن تكلل بالنجاح ولا يمكن أن تضيف شيئا  أحرى أن تقتصر على جلسة تأطيرية واحدة نهاية العام الدراسي ولاتتجاوز مدتها 10أو15دقيقة لا أدري المنتظرمنها ؟ عله هدر الطاقات والتخبط في القرارات والتستر بالشعارات...!!!
فعلى الوزارة أن تبحث عن طرق جديدة من أجل تأطير ناجح وعليها أن تعتمد على رفع تقارير التفتيش في كل فصل دراسي كي يتسنى لها التأكد من حدوث تحسن أم لا .
وهناك نقطة أخرى تعكس مدى التلاعب والرعونة والفساد تتمثل في كون أغلب الأساتذة لم يحظ  قط بتأطير أو تفتيش واحد منذ سنين عديدة , طبعا لأن مفتشي التعليم الثانوي يتم اختيارهم بطرق محدودة و بشكل شخصي  بعيدا عن المسابقات التي لم تنتهج في هذا الإطار لحد الساعة , وذلك من خلال تزكية تقليدية من أشخاص يحتاجون هم أنفسهم إلى تزكية , وغالبا ما يكون المستفيد من هذه التزكية والاعتماد كمفتش تعليم ثانوي الأقارب والدائرة الضيقة لهؤلاء الأشخاص .
 كما أشير هنا إلى قضية تعكس مدى الإهمال و اللامبالاة من طرف الوزارة تجاه طاقمها تمثلت في الظروف المزرية التي صاحبت صرف علاوة التجهيز ويكفي لاكتشاف ذلك واكتشاف حجم الاحتقار والمهانة التي تعرض لها المدرسون في تلك الفترة المرور من أمام مكتب محاسب أي ولاية من ولايات الوطن ومشاهدة تلك الطوابير في ذاك المشهد المذل الذي لا يتسم بأدنى مستوى من الاحترام  , فلماذا لا تضخ هذه العلاوة في الحسابات بعد التأكد من سلامة وضعية مستحقيها ؟ وهل هي أكثر قيمة من العلاوات الأخرى (البعد . الطبشور . الإزدواجية . المنسقية . الوظيفة ) والتي تضخ في الحسابات بعد التأكد من الحضور وإرسال تقارير من الإدارة تفيد بأحقية الشخص لها , ولماذا هذا التهاون بالمدرس وإلى متى ؟ .
إن أي أمة تريد النهوض والالتحاق بركب الأمم لابد أن تنهض بقطاع التعليم أولا وتعز مدرسيها وتجعلهم تاجا فوق الرؤوس .
ملاحظة أخيرة لفتت انتباهي على موقع التواصل الإجتماعي تويتر تغريدة لناشط ومدون تقول : في ألمانيا القضاة يطالبون بمساواتهم ماديا ومعنويا مع المعلمين لكن المستشارة الألمانية ميركل ترد عليهم دائما كيف أساويكم بمن علموكم ؟ ...أما في بلادنا ........!!!
يتواصل بإذن الله تعالى

لماذا وزارة الدولة ... للفساد؟(الحلقة الثالثة) / عثمان جدو

إلى متى نعتمد الكذب صدقا بعد اطلاعنا على ذلك ؟ إلى متى يقدم لنا التزوير ثم نوثقه على أنه حقائق ومراجع موثوق بها إلى متى ؟ إلى متى ؟؟؟
 من المعروف أن الإحصاء في أي عملية كانت يهدف إلى حصر المعلومات الدقيقة وبناء الدراسات انطلاقا من قاعدة البيانات الصحيحة المتحصل عليها والتي تساعد في تنفيذ خطط العمل المستقبلية ومعرفة الطرق الكفيلة بإنجاحها , وهذه النتائج والبيانات هي التي على أساسها يتم تقييم الوضع ومعرفة مدى نجاحه من عدمه .
ولقد سبق وأن تحدثنا عن هذا الموضوع الهام جدا والحساس في مقال سابق بعنوان ـ همسة مدرس ـ وبينا فيه كيفية ومستوى التلاعب الذي يحدث على هامش توزيع الكفالات المدرسية , وكذا الحال بالنسبة لبقاء المدارس الغير مؤهلة للبقاء مفتوحة .
ثم أشرنا إلى أن بعض المشرفين على توزيع الكفالات المدرسية يقومون بزيادة أعداد التلاميذ زيادة مفرطة ليكون لهم بذلك الضغط على مديري تلك المدارس فيلزمونهم بدفع إتاوات فصلية وأخرى عند مجيء الكفالات المذكورة , وطبعا تتنامى هذه الإتاوات وتتزايد تبعا لحجم الكفالة وكثرة التلاميذ الذين غالبا ما يكون عددهم وهمي بهدف الحصول على حصة أكبرمن الكفالة .
وطبعا هذه الأعداد واللوائح هي التي تتسلمها المنظمات والهيئات الوطنية والدولية وهي التي على أساسها يتم تقييم العملية التربوية على المستوى الوطني والدولي .
وسيتم طبعا الحكم على التعليم بالفشل لأن أعداد الراسبين والمتسربين سيزداد وربما يتضاعف بسبب عدد التلاميذ الوهميين الذين أشرنا إليهم.
ويسعى الوجهاء في المناطق النائية دوما إلى إبقاء مدارسهم مفتوحة مع أنها تفتقر لأبسط مقومات ذلك من حيث عدد التلاميذ الحقيقي وقرب المدارس الكبيرة من هذه القرى ويستميتون في الدفاع عن ذلك رشوة وتزويرا.
ثم إن الكثير من المديرين يسهمون مباشرة في تنامي هذه الظاهرة بتغطيتهم ودفعهم لهذه الإتاوات وإبقاء حصص لأنفسهم بعد بيعهم لفائض الكفالات بمبالغ زهيدة .
نعم تحدثت عن هذه النقاط وسأتحدث عنها دوما حتى يتم القضاء على هذا النوع من الظواهرالتي تعكس تجذر الفساد.
ولن يكون ذلك قبل إلغاء خلية الإحصاء ( الموجودة في الوزارة ) في مزبلة الإعفاء و تغييرأو الاستغناء عن المشرفين على الإحصاء بصورة عامة لأنهم ببساطة لا يضيفون جديدا على تقارير الإدارة (تقارير الافتتاح والإغلاق) وذلك لاكتفائهم بالمعلومات المقدمة إليهم دون معاينة لأعداد أو الوقوف على حقائقها والاقتصار دوما على مراكز المقاطعات والبلديات أو تجميع الأطقم في مكان واحد بعيدا عن معاينة كل مدرسة طبعا يحدث ذلك توفيرا للوقت والجهود كما يقول البعض لكن الحقيقة تقول توفير الوقــــــــــــــــــود الذي لن يعود إلى خزانة الدولة بعد سحبه حتى يلج الجمل في سم الخياط .
 ولكم في كيدي ماغه مثالا ليس بالحصري ولكنه واضح وجلي .
وأوجه النداء إلى كل مدرس غيور على مصلحة هذا القطاع ويقشعر جلده عندما يسمع بما يثارحول فشل التعليم وتحميل المسؤولية للمدرس وإهمال الأسباب الحقيقية المتمثلة في غطرسة الإدارة وتجاوزاتها وتخريب القطاع بفعل تدخلات الساسة والوجهاء المتنفذين.
أوجه النداء إليهم كي يكشفوا ما يدور حولهم من مظاهر الفساد في القطاع سواء على مستوى التحويلات أوتزييف أعداد التلاميذ أو التغطية على التغيبات و الإختفاءات  وغير ذلك مما يحدث وطبعا يمكن كشفه بسهولة جدا.
ثم إن الغياب التام للتكوين المستمرالذي يفرض نفسه بإلحاح , يعد وجها من أوجه التقصير والفساد الذي تعاني منه الوزارة حتى العمق , وطبعا تخصص له ميزانيات وتعين له إدارات لكن دون جدوى .
 فمثلا قامت الوزارة في الفترة الأخيرة بالتعاقد مع بعض المدرسين (العقدويين المحليين)
 وطبعا هؤلاء العقدويين لم يلجوا مدارس التكوين من ذي قبل مما يجعلهم دون المستوى المطلوب الذي ينبغي أن يكون عليه المدرس,لكن الأمر سهل وقابل للتدارك إذا حضرت النية الصادقة والعمل الجاد.
 فحري بالوزارة أن تواكب اكتتابهم أو التعاقد معهم بخطة عمل خاصة تهدف إلى تكوينهم تكوينا مستمرا في ورشات متتالية , يحتكون فيها بزملائهم القدماء  والأكثر خبرة ويتبادلون الأفكار مع مكونيهم من خبراء ومفتشين ومع مرور الزمن سيتم الحصول على جيل قادر على مواكبة العمل الميداني بعطاء متميز ومتناغم مع المطالب التربوية , وسيشكل إضافة نوعية   إذاتم استغلال الوقت والجهد والقيام بخطط تكوينية مستمرة ومحكمة , حينها سيفرض على القيمين على التعليم ترسيمه وإدماجه في الوظيفة .
وطبعا لازالت الوزارة تتقاعس أو تغيب عنها فكرة تكوين هؤلاء العقدويين المحليين الذين لايمكن لهم الاستغناء عن ذلك .
كما أشيرهنا إلى أن الطريقة التي يتم بها اختيارهم من طرف الوزارة لا تتمتع بأدنى مستوى من النزاهة والمصداقية نظرا لكونها تابعة للمزاج ولتوطيد الروابط الإجتماعية وإرضاء الأطراف السياسية وتتم دون وجود أي نوع من انواع امتحان المعلومات أو اختبار القدرات ولو بتوجيه سؤال واحد يخدم ذلك ............يتواصل بإذن الله
ـ عثمان جدوـ كاتب وناشط حقوقي ـ
   hoffemane@yahoo.fr  

لماذا وزارة الدولة ... للفساد ؟ (الحلقة الثانية) / عثمان جدو


عندما يصبح الكذب عنوان والسرقة شرف وامتهان تداس كرامة الإنسان و يتمنى أن لو كان من صنف الحيوان إذ لاعقل يجعله يموت كمدا وحسرة على ما يشاهد من أنواع الظلم والتبجح بالطغيان .
 من المعلوم أن الميزانيات المخصصة للمدارس العمومية هي مال عام مأخوذ من الضرائب على  المواطن , ومن موارد الدولة الأخرى , وهدف الدولة من استحداث ودعم هذه الميزانيات هو خدمة المرفق العام , إصلاحا وترميما .
لكن هذه الميزانيات أخذت طريقا آخر ومنحى متعرج .
ومن المعروف أنه في فترة ماضية ـ العام الدراسي (2007 ـ 2008)ـ قام القيمون على الوزارة باستحداث طريقة جديدة لصرف هذه الميزانيات على الوجه المطلوب , فانتدبت الوزارة لذلك مقاولين يباشرون إصلاح  الأعطاب التي تلحق بهذه المرافق العمومية من إصلاح للأبواب والنوافذ وترميم للجدران . وهذا خيار سليم يبرئ ساحة المدرس من التهم التي يمكن أن توجه إليه بخصوص الالتفاف عليها وعدم صرفها في مجالها , لكن ما حدث أسوأ بكثير مما كان متوقع .
فهؤلاء المقاولون لا يزورون هذه المدارس ولا يقيمون ضلعها(مايسكمو فيها عوجه). وعند إبلاغهم بالأعطاب لا يتردد أحدهم بالقول أنه ليس بالمجنون حتى يستقل سيارته إلى مدرسة ما في مكان ناءٍ جدا ليصلح نافذة أو بابا أو جداروالمعهود لها بضعة آلاف زهيدة حسب تعبيره ( المشية ماه راد سوكها).
وحاصل الأمر أن هذه المخصصات والميزانيات ستبقى لامحالة في جيوب المقاولين وستبقى المدارس دون إصلاح بل دون الوقوف عليها , وإذا تم إصلاح شيء ما فهو من أهل القرية أو المدينة بمجهوداتهم الذاتية أو مبادرة من رابطة آباء التلاميذ .
هذه هي الحقائق القائمة والتي لا يمكن إخفاءها .
حدث في فترة ماضية وأن تعالت أصوات المطالبين بهذه الميزانيات من المديرين , والتي هي في الأصل موجهة إلى مدارسهم وإلى إصلاحها , لكنهم أسكتوا بطريقة جلبت لهم العار والذل والمهانة في ما بعد , وذلك بأن قام بعض هؤلاء المقاولين بالتفاهم مع المديرين حول تقاسم هذه الميزانيات المخصصة لمدارسهم , لكن سرعان ما استأسد المقاول على المدير وأعطاه حصة القرد!!! بعد أن أجهده بالمواعيد و الاختفاءات المتكررة , هذا في أحسن الأحوال فآخرون وهم كثر لايصمدون أمام المواعيد , لأن عاصمة الولاية بعيدة عن مكان العمل وتكاليف المكث فيها أياما باهظة , ولأن الحصة تسقط بالتقادم ....ضاع حق الضعيف .
يحدث هذا رغم أنف كل مدير وفي صمت محير وغياب تام لتدخل الإدارة التربوية و الاقليمية , جهلا للمسألة أو تجاهلا لها؟
والطامة الكبرى أن المقاول يحتج على المديرين الراغبين في الحصول على نصيب من هذه الميزانيات الموجهة إلى مدارسهم أصلا والمعطلة عن هدفها ,  يحتج عليهم قائلا أنتم لاتستحقون ! القانون لايخولكم الحصول على شيء ...! القضية إذا بين الدولة والولد الأكبر (المقاول)!!!
أو ليست القضية تمس جوهر التعليم ؟
أوليس المدير والمدرس عموما هو حجر الزاوية في العملية التربوية ؟
وإذا ذهبنا مع المقاول في ما يقول وأن المدير لايستحق الاقتراب من هذه الميزانيات فبأي وجه حق يستحقها هذا النوع من المقاولين؟
ربما لأنهم تجار والدولة دولة قانون.......!!!
والأدهى من هذا كله والأمر أن المقاول إذا أراد إعطاءها (الحصة المتفاهم عليها)لم يتخذ لها مكتب خاصا أو وثائق تدل على المسؤولية أوالحس الإداري وإنما وزعها في حانوته وقيدها في دفتركما يقيد ما تم بيعه من الحلوى والبسكويت
هذا طبعا بعد مواعيد كثيرة وذهاب وإياب وتردد على أبواب الحانوت .
وفي الجانب الآخر يلاحظ أن غالبية المديرين أيضا إذا أعطاهم المقاول حصتهم لايضيفون شيئا فالسواد الأعظم منهم يرجعها إلى جيبه ويصرفها في خصوصياته بعيدا عن محيط المدرسة وما يتعلق بها .
في الأخير أستغرب من بقاء هذه المخصصات والميزانيات وتوجيهها إلى نفس الوجهة مع عدم تحقيقها لأبسط ما تم تخصيصها وتوجيهها له فلماذا لا تسحبها الدولة من أيادي هؤلاء المقاولين وتعيد النظر في طريقة توجيهها .
ولكم مثال حي المقاول المكلف بميزانيات مدارس ولد ينج صاحب الحانوت الشهير في سوق سيليبابي والذي يتخذه مقرا إداريا لأعماله ,  وماحكيناه في هذا المقال ينطبق عليه مائة بالمائة وهو تجسيد فعلي له .
 ومن أمثلة طرق التعامل التي يسلكها مع المديرين مثلا يعطي لصاحب الحجرتين المخصص لهما 11500أوقية تقريبا للفصل الدراسي. يعطيهم غالبا 2000أوقية في أحسن الأحوال وأحيانا يعطي بعضهم 1500وقد أعطي المبلغ كاملا(11500) عندما تعرف على شخص معين من خلال الروابط الاجتماعية المشتركة بينهما وهذا ما أكده الشخص نفسه .
ولقد أعطى 7000أوقية عن حجرة واحدة لنفس الأسباب (الروابط القبلية)وأعطى لمدرسة مجاورة لهذه المدرسة 2100للفصل الدراسي عن حجرتين , وظل هذا ديدنه حتى بعد تقليص الميزانيات , وأحتفظ بأسماء المدارس ومديريها تجنبا للتشهير إلا إذا اقتضى الأمرذلك ...هذه مجرد أمثلة للإشارة وليست حصرية ولافريدة .
ولقد أكد لنا زملائنا في الولايات الأخرى أن هذا النمط من التعامل هوالعرف السائد والدستور المتبع إن لم يكن أسوأ.....
أين الدولة ؟ أين هيبتها ياترى؟ أين محاربة الفساد؟..... يتواصل بإذن الله
ـ عثمان جدو ـ كاتب وناشط حقوقي ـ

لماذا وزارة الدولة... للفساد ؟(الحلقة الأولى) / عثمان جدو

لقد أعلن وزير الدولة في الموسم الماضي للتحويلات (سبتمبر .أكتوبر) أن ولايتي كيدي ماغه والحوض الشرقي ممنوع على طاقم التدريس فيهما التحويل خارجا عنهما , وعزى ذلك إلى الحاجة الماسة لكل من الولايتين إلى  أطقمهما ,وما لبث التدريس أن استمر ومضت
 فترة من السنة الدراسية حتى شهدت الساحة التربوية تحولات وانتقالات متزايدة ومختلفة على عكس المعهود والمعلن عنه سلفا من الإدارة الراعية للتحويلات وتحركات الأطقم في البلاد عموما والتي نصت على أن التحويلات لها فترة خاصة قبل الافتتاح مباشرة ,وحدث ذلك بالفعل في تحويلات قيل أنها عامة لكنها عكس ذلك , تبعتها تحويلات جزئية في شكل تبادلات مطلوبة , حدث هذا والشكل الخارجي يوحي بالسلامة لكن الذي خفى معتل , فحدثت التدخلات الغير شريفة والتزوير في أثواب مختلفة لكنها رثة وعفنة , ومن  أمثلة ذلك أن الخارج من كيدي ماغه والتي يمنع الخروج منها يكتب له في لائحة التحويلات أنه خارج من ولاية أخرى اترارزة مثلا المزدحمة والزائد طاقمها ويوجه إلا الوجهة المراده وكذا الحال بالنسبة للحوض الشرقي .
وفي الجانب الآخر قال الوزير لا داخل لولاية انواكشوط أبدا شأنها شأن اترارزة وانواذيبو والحوض الغربي والسبب هو توفر هذه الولايات علي الطاقم الكافي بل الزيادة بشهادة الجميع وخاصة الحوض الغربي الذي تجاوز الحد في زيادة الطاقم  على الحد المطلوب حسب قولهم , ولأن هذه الولايات تشكل دائما الوجهة المطلوبة عند أغلبية المدرسين .
وكلام الوزير وقرارات الوزارة طبعا هي تشريع منظم وملزم للعاملين في الوزارة وهي عبارة عن قرارات حكومية تعكس السياسات وتثبت السيادة .
لكن الذي لم يكن في الحسبان أن يكون كل هذا الكلام وكل تلك القرارات مسرحية هزيلة لا تساوي صوت الجهاز الذي مررت معه أو الحبر الذي كتبت به أو للحظة التي أمر بها فيها شفويا . فلقد ظهر المتنفذون وبينوا علو كعبهم على قرارات الوزارة والوزير الأكبر , وطبعا كذبوا القرارات وفندوا تلك الشعارات بتدخلاتهم ووساطاتهم وتحويلهم لمن أرادوا وإلى أين شاءوا.
وهذه أمثلة من باب الاستئناس لا للجمع ولا للحصر , فمثلا تم تحويل :
ـ معلم في مدرسة الشلخة الدخنة ـ بلدية لعبلي ـ مقاطعة ولد ينج ـ ولاية كيدي ماغه .التي قال الوزير أن الخروج منها ممنوع والغريب في الأمر أن وجهة المحول كانت ولاية انواكشوط التي يمنع دخولها أيضا , لكن البعض سهل علينا فهم القضية وأخبرنا أن المعني من مواليد. بو امديد , بل أكثر من ذلك فهو الجار ذو الجنب لرمزها الأول "الجنرال المهاب" .... حدث هذا في الشهر الماضي (منتصف السنة الدراسية).
ـ ومعلم آخر ومعلمتان تم تحويلهم من مدارس ولد ينج البلدية المركزية  (المدرسة 1ـ2) إلى إنشيري والحوضين على التوالي .
ـ ومعلمان آخران تم تحويلهما من بلدية لحرج  (مدرسة: لحرج كراج ـ مدرسة: حاسي بكرة) ـ مقاطعة ولد ينج ـ ولاية كيدي ماغه إلى ولاية لعصابة .
وآخرون في الولاية وفي غيرها يتقاضون رواتبهم دون الوقوف على أماكن عملهم حتى من باب أولى العمل والدوام .
وطبعا مقاطعة ولد ينج مقاطعة صغيرة ومعزولة و مايحدث فيها خفيف جدا مقارنة مع ماحدث في سيليبابي عاصمة الولاية ومن أمثلة ذلك :
تحويل معلمة في المدرسة رقم .8. مدينة سيليبابي عاصمة كيدي ماغه التي يحرم الخروج منها إلى الحوض الشرقي
حدث هذا أسبوعين قبل الراحة الفصلية الأولى ـ  منتصف شهر دجمبرـ
وأخرى تم تحويلها بداية السنة الدراسية إلى الحوض الغربي الذي يحرم دخوله.
ومعلمتان في المدرسة رقم .10. مقاطعة سيليبابي مختفيتان ولهما جهة متنفذة تريحهما من تعب الحضور.
وأخرى مختفية من المدرسة رقم .11. منذ قترة
.ومعلمة مختفية من المدرسة رقم .8.
ومثيلتها مختفية من المدرسة رقم.6......وماغاب عن ملاحظتنا وإدراكنا أكثر
هذه أمثلة فقط وليست حصرية بل هي قيض من فيض ونقطة في جنب ثور .
 وما فوضى التحويلات في هذه الولاية بالحصرية عليها فما حدث فيها يحدث وأكثرفي مختلف ولايات الوطن
فقد شهد الحوض الشرقي الذي يحرم خروجه تحويلات كثيرة مطلع العام الدراسي وإلى وجهات مختلفة وكذا الحال بالنسبة للحوض الغربي ولقد دخل بعض المحولين منه إلى انواكشوط تحديدا بتدخل مباشر من مدير التعليم الأساسي لأنه يكرم الجار ومن بين المحولين جارته .
وتنتشرفوضى التحويلات في مختلف الولايات الأخرى وسيجد ذلك من يكشفه ويكشف حجم ازدراء المدرس واحتقاره من طرف الإدارة مركزية أو إقليمية ومن طرف المتنفذين أيضا وجهاء كانوا أو مرتشين , سياسيين كانوا أم عسكريين.
قد نقول أن الوزير ووزرائه من بعده يهتمون بهذا القطاع ويتفانون في خدمة الوطن ولن يغفلوا أو يتغافلوا عن ذلك , لكن ما تفسيرنا
لكثرة التحويلات وفوضويتها ؟
وما سر انتشار ذلك في فترة الدراسة التي يحرم فيها التحويل ؟
وما سر تنامي وتزايد المبالغ المالية المدفوعة من طرف بعض المحولين والمتبادلين؟  وهل سماسرة الإدارة الموفقين بين أطراف التبادل محرومين من تذوق تلك النقود المدفوعة على هامش التبادل والتي وصلت في بعض الأحيان إلى :
(600.000) أوقية بين بعض الولايات وانواكشوط ووصلت إلى النصف بين بعض الولايات الداخلية .
هل كل هذا حدث ويحدث دون علم الإدارة ؟ أو رعايتها أو مباركتها ؟ ـ مخطئ من ظن ذلك ـ
 ـ هناك احتمالين قائمين : أحدهما أن الوزير ووزراؤه من بعده لم يحصل لهم العلم في ما حدث ويحدث من فوضوية التحويلات على مدارالسنة الدراسية وأثناء موسم التحويلات أيضا . وإن صدقنا أنه فات عليهم الأمر دون علم , فهل يعقل أن يفوت ذلك على الأمين العام ومدير التعليم الأساسي ؟ وإن فاتهم فهل يفوت على رئيس مصلحة التحويلات (المسؤول المباشر)؟ .
وإن كان الأمر كذلك فمن المسؤول عن هذه التحويلات ؟ ومن ينفذها ؟
ـ لعله البواب أو السائق أو مؤذن المسجد الموجود في الوزارة........ !!!
ـ الاحتمال الثاني أن يكون الوزير ومن حوله على دراية تامة بالموضوع بل هم المنفذون له كالعادة فتلك طامتنا الكبرى ...
ـ ملاحظة أخيرة :بعض هؤلاء المحولين المذكورين آنفا وبعض المختفين أيضا ترسل الإدارة الجهوية كالعادة رسائل تفيد بغيابهم من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لكن كشوف رواتبهم تعود إليها طبيعية دون تغيير كي يتأكد للإدارة علو يد المتنفذين الَذين يقفون دوما وراء الخارج عن القانون ليبقى المدرس المجد مهملا يعاني الأمرين عقودا من الزمن في أعماق اللعنات الجغرافية.........
يتواصل بإذن الله

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

همسة مدرس

قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا             كاد المعلم أن يكون رسولا
أي منا لم يسمع بهذا البيت ,بل أي منا لم يحفظه عن ظهر قلب؟ وأي منا لم يحلم في صغره أن يكون كمعلمه في الإبتدائية؟,وعندما يتقدم في السن قليلا يمتد ذلك التأثر, والتعلق إلى أستاذه في الإعدادية أو الثانوية , وبعدذلك بأستاذه في الجامعة إذاكتب له
وصولها,
فالكل يتأثر بمدرسه ,ويتعلق به ,وبه يباهي أقرانه,كل ذلك لأن المدرس في نظر الجميع آنذاك هوالشمعة المضيئة التي تنير الطريق للآخرين ,وهوالجسرالذي يقف صامدا ليعبر عليه الكل إلى بر الأمان,والتقدم العلمي,والنضج الحضاري,ويصلون إلى مبتغاهم,من وظائف,وأماكن عليا,ويحققون أحلامهم المختلفة.
ظل المدرس كما هو المصباح المضيئ والجسر المتين,لكن النظرة إليه تغيرت ,تغيرت بفعل تنامي مشكلات مادية ومعنوية طارئة ,ساهمت مجتمعة ,وبالشكل الكبيرفي ماصاريعرف لاحقا بفشل التعليم,كما يحلو للبعض تسميته.
ومن هذه المشكلات مثالا لاحصرا:
ضعف القدرة الشرائية للمدرس
صحيح أنه لا يخفي على أحد ماتم إنجازه في سبيل الرفع من مستوى الأجور ,وتحسين العلاوات التي تحفزعلى زيادة العطاء,وبذل الجهد الأكبر.............,لكن ذلك لم يصل بعد إلى الحد الكافي ,والذي يلبي حاجات الموظف العادي,والذي يعتبر المحور الأساسي للطبقة الوسطى ,والتي تعدالإرتكازالأهم للمجتمع,إذ ظلت قدراته الشرائية ضعيفة ,فمازال أغلب الموظفين ينفذ راتبه عند دخوله السوق لمرة واحدة,مع أقتصاره على أقتناء المواد الأساسية الضرورية للبيت ,والتي لايمكن التغاضي عنها,أماكونه يتطلع إلى الكماليات ,كأقتناء المواد الإضافية من البقالات مثلا فذاك سابع المستحيلات,ويفيد أكثرمن مصدرأن أغلب الموظفين مرتهن للبنوك بفعل للجوءللدين غالبا.
وكما قامت الدولة مشكورة بإجراء مالي خاص,رفعت به مستوى أجور الموظفين ,في قطاعي العدالة والإدارة,في إجراء إستثنائي,
مماكان له بالغ الأثر في رفع مستوى الدخل في هذين القطاعين, حيث وصل ذلك المستوي إلى أضعاف راتب المدرس مثلا,قد تصل تلك الأضعاف أحياناإلى عشرة أضعاف ,بين المدرس خاصة(المعلم وأستاذ الإعدادية والثانوية)وبين القاضي والإداري الإقليمي,
مماخلق هوة واسعة بين موظفين من فئات متقاربة ,من ناحية الفئوية  الوظيفية,تجمعهافئة (أ)مثلا,متباعدة من ناحية التصنيف المالي,ومتباينة كل التباين.
صارمن الازم القيام بإجراء مالي خاص ,وإستثنائي من أجل النهوض بالتعليم,نظرا لما يكتسيه القطاع من أهمية وحساسية ,فهو المسؤول عن تربية النشء,وتحديد مستقبل الدولة بل البشرية جمعا,فلاوجود لتقدم أي أمّة كانت إلا بالتقدم العلمي,
فالثروة الحقيقية ليست في مايشغل بالنا دوما ,ويسيطرعلى أطراف الحديث,من ثروة أسماك أومعادن أونفط أوثروة حيوانية.
نعم هذه ثروات طبيعية ومقدرات جيدة ,لكن الثروة الحقيقية هي العقول الأدمغة الكفاءات البشرية القادرة على الإنتاج ,الإبداع, الإختراع.
النظرة الخاطئة للبعض عن المدرس
فمن مشكلات التعليم التي يصعب حصرها,النظرة الخاطئة عند البعض عن المدرس في هذا الزمن وخاصة عند بعض رموز الإدارة إقليمية كانت أومركزية,فيخيل إليك من هذه النظرة أن المدرس قزم لايمكن أن يصل بطوله قامة الآخرين,مماينعكس سلبا على المدرس بالإحباط, وتردي العطاءمن جهة ,وعلى العلاقة بين الجهتين,إذ تنطبع بطابع التوتر والنفور.
ثم إن بعض المواطنين العاديين في أيامنا هذه يسهم بدوره هو الآخر في تنامي هذه الظاهرة ,قديكون ذلك لقلة النضج ,فكريا أوحضاريا,فتراهم قاصرين نظرهم على ماديات الأشياء ,إذ يكون أعتزازهم بالتاجر الغشاش مثلاأوالمشرف المختلس أوالمديرالمرتشي,
أكثروأعمق من إعتزازهم بمربي الأجيال ,صانع العقول ,مكون العبقريات ,ومنمي الأدمغة,
همهم في ذلك دريهمات غير آبهين للطريق التي جاءت منها,أبالحلال أم الحرمات ,من الطريق الواضح أم الشبهات ,
وهذا لعمري خلل في المبادئ وأنتقاص في المثل والقيم ,وموت للإنسانية في صميم الشخص.
مركزية التعليم
كما أن مركزية التعليم وتوحيد مناهجه ,يلعب دورا كبيرا هو الآخر,ويعد مشكلا في سبيل تقدم التعليم والنهوض به,
فإسقاط مقاربة الكفايات على جميع الجهات ,والمناطق المختلفة من حيث الطبيعة البشرية ,والإنتماء الإجتماعي,والتوظيف اللغوي ,
 يعد من أهم عوائق التعليم,
فمستوي تعاطي التلاميذ ,مع هذه المناهج في منطقة أنواكشوط,وأنواذيبوا مثلا,لايوازيه مستوي التعاطي,في ضفة النهر ,ولافي المناطق الشرقية ,ولاحتي الشمالية ,
والسبب بسيط ,أختلاف الخلفيات ,تباين الإمكانيات ,تجذرالصعوبات,
فكان من الأولى البحث عن طرق جديدة ,لا تعتمد على مركزية التعليم, فتراعي الصعوبات عند الأطفال ,سواء المتعلقة  باللغة أو غير ذلك,معالجة الصعوبات المترتبة على إملاءات المحيط,والتركيز على هذه النقاط, ومعالجتها ,على الأقل في المرحلة الإبتدائية.
غياب التكوين المستمر
فلقد ساهم غياب التكوين المستمر هو الآخر ,إلى جانب الصعوبات الأخرى في تعقيد عملية التعليم, إذ لاتخفي أهمية التكوين المستمر على العطاء التربوي,وتنمية القدرات الفردية ,وزيادة الخبرات ,وتناغم العطاء مع الاحتياجات الميدانية,
وبالرغم من تخصيص ميزانيات له  ,وتعيين إدارات ,يختفي دورها على أرض الواقع.
مشكل التموقع الفوضوي للمدارس

فكل ماكانت هناك أسرة ما ميسورة الحال ,لها قطيع أغنام أو أبقار,أخذت لنفسها موقعا تختص به,عن مكونها الاجتماعي ,بفعل حب التفرد, والبحث عن الذات ,
وطبعا بفعل الوساطات ,وتحكم الروابط السياسية ,في العلاقات البشرية , يتدخل هذا أو ذاك ,من أجل حصول هذه الأسرة على مدرسة  ,في ذلك المكان الذي تفضله لرعي مواشيها,وطبعا لابد للمدرسة من مدرس, أومدرسان ,أو ثلاثة,
وهذه بالفعل طاقة بشرية ,سيتم إقصاؤهاحتما من مشهد التأثيرالتربوي ,بفعل حصارها في أرض موحلة ,أوصحاري مقفرة,أو مناطق جبلية وعرة ,مع بضع التلاميذ قد لايتجاوزون السبعة أو الثمانية أحيانا,وبفعل عزل هذا المدرس ,عن المحيط الذي يسمح له بتنمية قدراته المعرفية , يبدأ في التناقص ,ويصاب بالإحباط, والملل ,الذي قد يكون سببا مباشرا في تسربه ,أوغيابه,أوهجرانه للوظيفة.
تزييف أعداد التلاميذ
ومن بين المشكلات البارزة التي تعيق التعليم ,تزييف أعداد التلاميذ,إن لم يكن هو المشكل الأبرز والأهم,
فعادة مايعمد بعض المشرفين الإداريين ,على تنظيم وتوزيع الكفالات المدرسية,إلى تزييف أعداد التلاميذ,من أجل الحفاظ على بعض المصالح الضيقة,فيقوم هؤلاء بمضاعفة عدد التلاميذ لهذه المدرسة أوتلك,من أجل إستفادة أكبرمن الحصة الموجهة إليها من الكفالة المدرسية,وبهذا الفعل يكون لهم الضغط على مديري المدارس ,فيلزمونهم بدفع إيتاوات  فصلية,وأخرى عند مجيئ الكفالات المذكورة ,تتنامى هذه الإيتاوات تبعا لحجم الكفالة,وعندما يتعذر دفع الإتاوة نقدا ,يعمدون إلى أخذ المقابل قيمة ,بخنشات من الأرز, أوأكياس من الزيت القادمة في تلك الكفالة.
هناك غاية أخري من زيادة ,وتزييف أعداد التلاميذ ,متمثلة في بقاء مدرسة ما مفتوحة رغم أفتقارها لمقومات البقاء كمدرسة تستحق ذلك.
إذيقوم بعض الوجهاء ومسؤولي القرى بالتنسيق مع بعض المشرفين السالفي الذكر,إلى زيادة أعداد التلاميذ,ليس لغرض الاستفادة من حجم الكفالة الواردة فقط,وإنما لغاية أخرى مصاحبة هي :توفر العدد الكافي للحفاظ على بقاء المدرسة مفتوحة,وبتلاميذ وهميين ,كي يظل مذكورا في الأوساط ان آل فلان لهم مدرسة ,ولها مدرس أو مدرسان,وبفعل نفوذه وعلاقاته مع الإدارة ,وتنسيقه مع المشرفين على الكفالات المدرسية ,يحصل له مايريد,
والمشكك في ما سبق ,يمكنه التحقق منه ,والوقوف على عين الحقيقة ,وذلك بعملية إحصائية بسيطة ,يقف فيها على بعض المدارس المكفولة ,خصوصا في الأرياف ,والمناطق النائية ,ويقوم بعد التلاميذالموجودين أمامه .
هذا إذا لم يتم إشعار تلك القري قبل ذلك ,فحين إشعارهم سيجد أمامه أمهات الأسرالصغيرات,يجلسن مكان التلاميذ لتغطية الخلل .
حينها سيكتشف مباشرة, أن العدد المسجل في اللوائح الرسمية ,يقوق العدد الموجودعمليا ,وقد يكون بالنصف أو الضعف غالبا,ممايعني أن العدد الإجمالي للتلاميذ في البلاد سيكون مبالغ فيه حتما,وطبعا هذا العدد هو الذي على أساسه يتم تقييم العملية التربوية,أناجحة هي أم فاشلة,ومن هنا أكاد أجزم أن ثلث إجمالي التلاميذالراسبين, في اللوائح التقييمية الوطنية ,إن لم يكن أكثر من ذلك,هوفي الأصل غير موجودعلى أرض الواقع ,وإنماهو ملفق لأسباب ذكرناهاسابقا,مما يرجح كفة فشل التعليم في الإحصائيات على حساب نجاحه.
إنطلاقا مماتم عرضه في هذه النقاط التي تضمنها هذا المقال ,وانطلاقا من نقاط أخرى لم يتعرض لها ,
أرجو أن يرفع الملام عن المدرس, في كل ما يكتنف العملية التربوية ,وعدم تحميله المسؤولية لوحده في ذلك,فهو طبعا أحد أطرافها المبنية عليهم لكنه ليس المقصر ولاهو أيضا بمكمن الخلل.
عثمان جدو