الأحد، 27 يوليو 2014

لماذا وزارة الدولة ... للفساد؟ (الحلقة الرابعة) / عثمان جدو

لا تخفى على أي كان أهمية التأطير في إنعاش المنظومة التربوية والدفع بها إلى الأمام وتكييف العطاء التربوي مع المتطلبات الميدانية , لكن الوزارة أحيانا تعطله عن قصد أو عن غير قصد . فمثلا قامت الدولة بتقليص الميزانيات المخصصة لإدارات التعليم الجهوية والمفتشيات , والهدف من ذلك كما هو مزعوم تقليل النفقات من أجل تسيير أمثل لموارد الدولة , وتضييقا للخناق على الفساد والصرف الغير معقلن  , وهذا خيارسليم إذا كان الأمر بهذه الصورة سيوفربعض أموال الدولة المهدورة دون تعطيل أو شل حركية مرفق هام جدا وحيوي , و الواقع أن هذه المبالغ المقلصة من هذه الإدارات أهدرت في أماكن أخرى ولم يعد نفعها على المواطن ولا على مرافق الدولة وإنما ملئت بها جيوب المفسدين وانتفخت بها أوداجهم , وجعلوها أداة لفساد أبنائهم ووقودا لسياراتهم التي يلعبون بها (اتكاسكادي) بتهور في كل شارع ضيق دون التمييز بين المناطق الآهلة بالسكان والمدارس والأسواق وبين الأماكن الشاسعة الخالية من البشر , إنما هي هستيريا البطش والتهور واللعب بالمال العام يورثها هؤلاء لأبنائهم .
ومع أن ثراء الآباء ينبغي أن يكون عاملا مساعدا على صلاح الأبناء بدراستهم دراسة جيدة وتمكينهم من النجاح في الحياة بتوفير العناصر الضرورية لذلك , لكنه في بلادنا صارأداة لفساد الأبناء بتوفير سيارات فاخرة في سن المراهقة من مال الدولة المنهوب طبعا وملء جيوب هؤلاء المراهقين ليطلق لهم العنان بذلك للتردد على حانات الخمور ودور الفجور واعتياد ذلك في المستقبل.
كما أحجمت الدولة عن إصلاح السيارات المتعطلة والتي كانت تعتمد عليها هذه الإدارات في عملها , سواء بالوقوف على الطاقم في أماكن العمل أو توزيع الوثائق والتعميمات وتوصيل المعدات واللوازم والتأطير إلى غير ذلك من الأعمال الضرورية لهذا القطاع ,  فلقد شلت حركة هذه الإدارات بتعطيل هذه السيارات وتوقفها وقلَ العمل التأطيري بذلك بل تم اختزاله في جولة واحدة عند نهاية السنة الدراسية نهاية شهر مايو تحديدا مع أن هذه الجولة لايخصص لها سوى ثلاثة أيام أو أربعة على الأكثر ولايمكن أن تستهدف المدارس جميعا لضيق الوقت ومن باب الاكتفاء بعينات فقط ,ومعروف أن التأطيرالناجح الذي تنتظر منه الإضافة يقتضي
أن يكون في مراحل متتالية تكشف العيوب والنواقص التي يكون عليها مدار العمل في المستقبل , وطبعا نجاح التأطير بشكل عام يكمن في معالجة هذه النواقص والقضاء على تلك العيوب قبل آخر زيارة تأطيرية (نهاية السنة الدراسية) .فلماذا لاتهتم الوزارة بالتأطير؟ ولماذا لا يفهم أويدرك وزير الدولة ووزراؤه من بعده الأهمية البالغة التي يحتلها التأطير في التأثير على العملية التربوية سلبا أوإيجابا في حال وجوده من عدمه ؟
إن أي تصور لنجاح عملية تأطيرية لا تراعي النواقص ولا يعمل فيها من أجل القضاء على العيوب ولا تنتهج لها خطة عملية في جلسات متتالية ومتعددة لايمكن أن تكلل بالنجاح ولا يمكن أن تضيف شيئا  أحرى أن تقتصر على جلسة تأطيرية واحدة نهاية العام الدراسي ولاتتجاوز مدتها 10أو15دقيقة لا أدري المنتظرمنها ؟ عله هدر الطاقات والتخبط في القرارات والتستر بالشعارات...!!!
فعلى الوزارة أن تبحث عن طرق جديدة من أجل تأطير ناجح وعليها أن تعتمد على رفع تقارير التفتيش في كل فصل دراسي كي يتسنى لها التأكد من حدوث تحسن أم لا .
وهناك نقطة أخرى تعكس مدى التلاعب والرعونة والفساد تتمثل في كون أغلب الأساتذة لم يحظ  قط بتأطير أو تفتيش واحد منذ سنين عديدة , طبعا لأن مفتشي التعليم الثانوي يتم اختيارهم بطرق محدودة و بشكل شخصي  بعيدا عن المسابقات التي لم تنتهج في هذا الإطار لحد الساعة , وذلك من خلال تزكية تقليدية من أشخاص يحتاجون هم أنفسهم إلى تزكية , وغالبا ما يكون المستفيد من هذه التزكية والاعتماد كمفتش تعليم ثانوي الأقارب والدائرة الضيقة لهؤلاء الأشخاص .
 كما أشير هنا إلى قضية تعكس مدى الإهمال و اللامبالاة من طرف الوزارة تجاه طاقمها تمثلت في الظروف المزرية التي صاحبت صرف علاوة التجهيز ويكفي لاكتشاف ذلك واكتشاف حجم الاحتقار والمهانة التي تعرض لها المدرسون في تلك الفترة المرور من أمام مكتب محاسب أي ولاية من ولايات الوطن ومشاهدة تلك الطوابير في ذاك المشهد المذل الذي لا يتسم بأدنى مستوى من الاحترام  , فلماذا لا تضخ هذه العلاوة في الحسابات بعد التأكد من سلامة وضعية مستحقيها ؟ وهل هي أكثر قيمة من العلاوات الأخرى (البعد . الطبشور . الإزدواجية . المنسقية . الوظيفة ) والتي تضخ في الحسابات بعد التأكد من الحضور وإرسال تقارير من الإدارة تفيد بأحقية الشخص لها , ولماذا هذا التهاون بالمدرس وإلى متى ؟ .
إن أي أمة تريد النهوض والالتحاق بركب الأمم لابد أن تنهض بقطاع التعليم أولا وتعز مدرسيها وتجعلهم تاجا فوق الرؤوس .
ملاحظة أخيرة لفتت انتباهي على موقع التواصل الإجتماعي تويتر تغريدة لناشط ومدون تقول : في ألمانيا القضاة يطالبون بمساواتهم ماديا ومعنويا مع المعلمين لكن المستشارة الألمانية ميركل ترد عليهم دائما كيف أساويكم بمن علموكم ؟ ...أما في بلادنا ........!!!
يتواصل بإذن الله تعالى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق