السبت، 2 أغسطس 2025

إلزامية المراسلات باللغة العربية الدلالة والحجية/ عثمان جدو

تكتسي اللغة العربية أهميتها كأي لغة أم لأي مجتمع؛ وتزيد على ذلك بميزات تفضيلية اختصت بها دون غيرها؛ فاللغة العربية تعتبر لغة أم للمجتمع الموريتاني دون استثناء بفعل محوريتها في الدين الإسلامي، فهي اللغة التي أُنزل بها القرآن الكريم، والمجتمع الموريتاني عموما، مجتمع مسلم، مسالم، يتعبد الله بتلاوة القرآن في صلوات اليوم الخمس، أي آناء الليل وأطراف النهار، وفي أوقات التبتل الأخرى، وطبعا لا يوجد في مجتمعنا حسب الظاهر والمعلن إلى اليوم من يقرأ القرآن بغير اللغة العربية، فنحن نختلف عن غيرنا من المجتمعات التي تدفعها ضرورتها اللغوية إلى ترجمة القرآن وتفاسيره وكل ما هو ضروري من نصوص وأمور الدين. ومن منطلق أن اللغة هي سبيل التواصل والتفاهم الذي يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، وهي الوعاء المنهجي لتمرير الأفكار، وتجسيد المعتقدات، فمن خلالها يمكن تحويل الأفكار من مجرد خيال ذهني إلى واقع عملي ملموس ومحسوس؛ وبها يمكن التعبير عن المشاعر والأحاسيس المختلفة حسب مبتغى الشخص، واللغة هي الميراث الشرعي للثقافة وهي الحاضن الرئيسي للتراث، وثراء اللغة هو نتاج منطقي لثراء الثقافة، ولا يمكن لأجيال الأمة أن تفهم تاريخها أو تستوعب مضامين حضارتها دون فهم وإتقان لغتها، فاللغة هي المرآة الناصعة العاكسة لقيمة الأمة، وكلما زاد مستخدموها زادت قيمتها وانتشرت وكثر تداولها . لقد أدرك الكثير من دول العالم، ومنظماته، وهيئاته الأممية؛ قيمة ومحورية لغة الأم، ومدى ارتباطها بتحقيق الأهداف التربوية الكبرى لأي مجتمع، وما كان ذلك وليد الصدفة بل جاء نتاج تجارب،ودراسات، تناولت الموضوع عن كثب؛ حتى تجلت للجميع قيمة لغة الأم في كونها تشكل حافزا أساسيا على الإبداع، ومعينا مباشرا على جودة اكتساب العلوم والمعارف، ولذلك أدرجت الدول الرائدة فيمجال التنمية التركيز على لغاتها الأم، لخلق فضاء إبداعي أكثر اطمئنانا إلى جودة المخرجات. ولقد حسمت التقارير والدراسات الأممية الأمر حول أهمية لغة الأم في التدريس، وفي التعامل، والتداول،وكان من ذلك ما أوصت به اليونسكو اثناء تخليدها لليوم العالمي للغة الأم في 21 فبراير 2016 حيث قضت؛ تسليما، بضرورة التدريس بلغة الأم، وعزت في تقاريرها حيال الموضوع؛ الأفضلية الناتجة في دول الريادة إلى تدريسها لمناهجها التعليمية بلغاتها الأم. إننا إذ نقف اليوم على القرار الريادي، والمنصف، والشجاع، الذي أرسل به وزير الاقتصاد والمالية؛تعميما، إداريا، مُضيئا، ومُلزما، بقوة القانون، وما كان له أن يتجه إلى هذا الاتجاه لولا إدراكه العميق،ويقينه التام بمطابقة هذا القصد لإرادة فخامة رئيس الجمهورية التي تنصب حول إعزاز وتقديس اللغة العربية، وهو في ذلك أيضا يتكئ على ركن شرعي وقانوني متين، فالدستور الموريتاني ينص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، وبذلك يجب أن تكون هي لغة العمل، والتعلم، وتداول الوثائق، وكونها لغة القرآن التي تشكل وعاء حاضنا قيضه الله جل وعلا لحفظ ألفاظه وفهم معانيه، فهي بذلك تلتحف بستار سميك من الطهارة، والحرمة، والقداسة، ومن ناحية مؤهلاتها الذاتية، مقارنة باللغات الأخرى، فهي اللغة المُدرجة ضمن ست لغات أممية رسمية، وهي أشملهم ثراء، وأكثرهم جذورا، فجذور اللغة العربية المتفق عليها 16 ألف جذر، وبعضهم رفعها إلى أكثر من ذلك بكثير، أما مفرداتها دون تكرار فتصل 12 مليون كلمة، وتصنف الأولى عالميا من حيث دقة المعاني، هذا مقارنة باللغة الفرنسية مثلا التي لا تتجاوز مفرداتها 150 ألف،وجذورها 2500 تقريبا، والإنكليزية اللغة الأكثر انتشارا عالميا مفرداتها 600 ألف، وجذورها تقدر 3 آلاف. من هنا تتضح أسرار اللغة العربية العجيبة، ومؤهلاها الفريدة، وخصوصياتها الفذة، ودررها الثمينة.

الاثنين، 28 يوليو 2025

انواذيبو..عندما يرتوي الظمآن

#انواذيبو.. عندما يرتوي الظمآن/ عثمان جدو 🛑قبل تسع سنوات من الآن أصبحت مقيما في انواذيبو لضرورة مباشرة العمل؛ وكانت يومياتنا مع طلب الماء في عاصمة البلاد الاقتصادية، مدينة انواذيبو بكامل زخم التسمية؛ أشبه بحياة الريف عند جلب الماء، وما يعتري ذلك من صعوبة ومشقة مع استثناءات قليلة في بعض المناطق والأحياء، فعندما ينقطع الماء عن الحي، أو المنزل الذي تسكنه، أو المرفق الذي تداوم فيه، وما أكثر أيام ذلك المشهد، فإن الكبير والصغير والرجل والمرأة كل يحمل وعاءه لجلب الماء من مكان قد يكون بعيدا جدا، أو دون ذلك إذا تحرك الحظ؛ معتمدا في عملية الجلب هذه على سواعد لم تتعود ذلك غالبا. لقد ازدادت معاناة بسطاء المواطنين مع توفر الماء الذي يشهد ضآلة في أحسن الأحوال على مدار العام، وندرة شديدة إبان الصيف، هذا طبعا مقارنة مع حاجيات الساكنة التي تنمو وتتعزز كأي ساكنة في أي مدينة كبيرة، أحرى أن تكون مدينة مرغوبة، ومحبوبة.. زادت المعاناة واتسعت رقعتها عند ما دخلت على خط الاستثمار في هذه المدينة شركات ومصانع دقيق السمك (موكا) التي تتطلب في معالجتها الصناعية كميات كبيرة من إكسير الحياة. تطورت هذه الحالة في بعض أحياء انواذيبو، خاصة الأحياء الفقيرة حتى نسي بعضهم طريقة فتح صنابير المياه، وكان حظ المحظوظين أن تصلهم المياه عبر الصهاريج، والسيارات ثلاثية العجلات (واو) التي تولت بلدية انواذيبو توفير الماء من خلالها لسنوات؛ بعدالة تامة ومهنية كبيرة، والحق يُقال دون محاباة أو مجاملة؛ ولو أن ساكنة انواذيبو استقبلت من سنواتها ما استدبرت وتجاهلتها سقاية البلدية أو عجزت عن توفير هذا النزر القليل الذي سقتها به لهلكت عطشا. بوادر الأمل عندما أدى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني زيارة عمل لمدينة انواذيبو، والتقى في ليل يومها الأول بالمواطنين للاستماع إلى مشاكلهم ومشاغلهم، عن كثب، دون حجاب أو ترجمان؛ تعهد لهم في معرض رده على ما طُرِح من هموم وشواغل الساكنة أن عطش انواذيبو سينتهي، وأن ظلام ليلها سيزول.. لقد تعهد فخامة الرئيس بحل المشكل بعد أن اعترف بوجوده طيلة حقب ما كان ينبغي تجاوز مداها قبل حله حلا نهائيا، بوصفه أولى الأولويات، وتاج الحاجات التي يلزم الدولة إشباعها لمواطنيها. بعد فترة ألزم فخامة الرئيس لجنة وزارية رفيعة المستوى بمتابعة مدى تنفيذ التعهدات وحل المشكلات التي تغض مضجع المواطن في عروس مدننا الساحلية، وعاصمتنا الاقتصادية، وقبل أقل من ثلاث سنوات من الآن تحديدا شهر دجمبر 2022 وضع فخامة الرئيس الحجر الأساس لمشروع ينهي معاناة ساكنة انواذيبو مع العطش كليا من خلال استجلاب الماء بالكيفية التي ينبغي أن يستجلب بها من بحيرة بلنوار، لا عن طريق الأوعية اليدوية الأهلية، ولا عن طريق الصهاريج، ولا السيارات ذات العجلات الثلاثية. إن أكثر المتفائلين الموالين للنظام لم يكن يتوقع أن يكون هذا المشروع نشازا من التعثر الكلي، أو على الأقل التأخر النسبي، فالمشاريع الوطنية غالبا ما لا تنهيها الجهات المنفذة لها وفق دفتر التزاماتها في تاريخها المحدد، بل عودتنا على زيادة في الأجل المحدد عند ما يقترب موعد الانتهاء، وهذا المشروع الاستراتيجي الهام جدا جدا انتهى قبل موعده بخمسة أشهر؛ إذ المفروض أصلا أن يسلم في دجمبر 2025 كما بدأ في دجمبر 2022 وحدد لإنجازه حسب المعلن المُذاع ثلاث سنوات، وهذا شيء مهم في إنجاز المشاريع الوطنية يجب التوقف عنده والإشادة به؛ لرمزية الاهتمام بدقة الوقت في الالتزام. إنجاز الوعد والوفاء بالعهد قبل أشهر من الآن، تحديدا نوفمبر من العام الماضي، كُنَّا هنا في انواذيبو على موعد مشهود مع حدث هام؛ في سبيل إرواء عطش السكان، مع تدشين فخامة رئيس الجمهورية لمشروع في ذات المضمار الذي ينساق فيه هذا المشروع العملاق، ألا وهو تحلية المياه الذي أضاف إلى الموجود سعة 50% أي إضافة 5000 متر مكعب يوميا. أما هذا المشروع المائي الكبير الذي دُشِّن اليوم فقد أُعِدت العدة لأن يكون فتكة بكرا بالعطش والمعاناة في هذه المدينة؛ فكان الأنبوب الناقل للماء من الآبار الارتوازية العشر؛ المدعمة للموجودة أصلا، والحاضن لعصب الحياة بقطر 800 ملم، وبقدرة ضح تصل 30000 ثلاثين ألف متر مكعب يوميا، دون طاقة ضح بل تتضاعف القدرة لتصل 60000 ستين ألف متر مكعب يوميا مع وجود طاقة للضخ، ويمكن للملاحظ البسيط أن يدرك الفرق؛ فالأنبوب الأول مع طاقة ضخ كان يصل أعلى ما يصل إلى 20000متر مكعب يوميا فقط. لقد ولى عهد المعاناة مع العطش إلى غير رجعة بإذن الله تعالى، ولقد وعد فخامة الرئيس فوفى بوعده لشعب يستحق كل ذلك، فالدولة لا ينظر إليها أنها حارسة للمواطن، توفر له الأمن فقط، أو تقيده متى ما ظهر لها أن ذلك أولى؛ وتتركه يصارع عاديات الزمن مع قساوة الأيام، بل إن من آكد الحقوق المترتبة للمواطن على الدولة؛ إشباع حاجات المواطنين من صحة، وتعليم، وماء، وكهرباء، وغيرها من أساسيات الحياة التي تنعدم بعدم وجودها. في هذا اليوم المشهود دشن فخامة الرئيس كابلا بحريا هاما جدا، يضمن بحول الله تدفق الأنترنت بسعة كبيرة وجودة عاليا، مجسدا السيادة الوطنية الرقمية، وموفرا أمان الاستقلال الذي لم يكن حاصلا قبل هذا بالاعتماد على الكابل البحري الأحادي اليتيم الذي كنا نُطل من خلاله على العالم؛ رقميا، إطلالة تشاركية، ومن خلال هذا الكابل والخدمات التي سيوفر لبلادنا؛ الانفتاح على السوق الأمريكية اللاتينية بعرى حبل وطني رقمي متين؛ مكتمل السيادة الوطنية. لم تقتصر تدشينات هذا اليوم الوطني المشهود في انواذيبو على مشروع المياه والكابل البحري رغم أهميتهما، كل في مجاله؛ بل اتجه فخامة الرئيس مباشرة إلى تدشين مصنع للسمك؛ يُعد من أكبر المصانع في البلاد، وهو منشأة لمعالجة منتوج الصيد السطحي، مُنجز بشراكة وطنية وعربية، ومنه توجه إلى وضع الحجر الأساس لإعادة تأهيل الرصيف التجاري لميناء انواذيبو المستقل، وهو الميناء الذي أنشئ في ستينيات القرن الماضي ولم يستفد منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا من ترميم أو إعادة تأهيل وهو الذي يعول عليه في استقبال البواخر الكبيرة والعملاقة جدا، ومعروف ما لذلك من قيمة ومردودية على الحركة المينائية خصوصا، والدورة الاقتصادية الوطنية عموما. ختام هذه التدشينات كان وضع الحجر الأساس لمدرسة التعليم الفني والتكوين المهني لتقنيات الإعلام والاتصال، وتعد هذه المدرسة مرفقا علميا تكوينيا يُؤَمِّنُ عدم هجرة البنات خاصة إلى العاصمة والذي عادة ما يكون الحل الواقعي إن نجت الطالبة من التوقف عن الدراسة كخيار أو السفر بعيدا عن الحاضنة الأسرية، وهذه المنشأة في ذات الوقت توفر للفتيان من أبناء المدينة ومن غيرهم تعليما فنيا وتقنيا وتكوينا مهنيا عالٍ في مراتع الصبا بين الأهل والخلان.. أخيرا علينا جميعا أن نفرح بكل حجر وضع اليوم وبكل ستار أزيح؛ فالشيء الأكيد أن كل مُنجزٍ باقٍ، ولكل مواطن فيه حظ ونصيب، بعيدا عن وهم التجاذبات السياسية، وولاءاتها الضيقة؛ باختلاف مشارب أهلها، وعدم إنصاف المخالف منهم

الجمعة، 11 يوليو 2025

القوة الناعمة أجدى من نرجسية غشوم/ عثمان جدو (مقال)

في هذا العالم المليء بالصراعات والتحديات المختلفة، تتنافس كبريات الدول وما يتبعها من جيوش وكيانات إلى السباق نحو حيازة آليات التدمير، والقضاء على الآخر في دوامة مطاردة المصالح، وإثبات الذات، وإشباع الغرائز السياسية التسلطية، وتحقيق الأطماع التوسعية بمفاهيمها المختلفة، فلا تفكير لجل القادة خارج دائرة حيازة أسباب القوة والتفوق العسكري؛ كل بما أوتي من قوة وسمحت به ظروفه المحيطة، وأعانته عليه تحالفاته، أو تفاهماته، أو تبعياته، في هذا العالم الذي هذه بعض ملامحه التي تجسدها الدول العظمى، والقوى المهيمنة وتنكشف كثيرا من خلال تصرفات بعض القادة الذين منهم؛ بل بالأحرى في طليعتهم في هذا المنوال الرئيس الأمريكي اترامب الذي عرف كثيرا بتعاليه على جلاسه ونرجسيته التي لا يوازيها سوى النهم في جمع المال والسعي في حيازة المزيد رغم ما أوتي منه. لقد تابع العالم كثيرا من مواقف الرؤساء والزعماء والقادة المحرجة التي يوقعهم فيها اترامب خلال لقاءاته معهم وكيف كان للباقة وحذاقة بعضهم تفوق في النهاية على سلطوية ونرجسية هذا الرئيس الذي يقود أكبر قوة في العالم؛ تهيمن على اقتصاد العالم وسياسته، ولها النفوذ العسكري؛ لكن يد الله فوق أيديهم. وبالرغم مما بذل هذا الرئيس من إنهاء حروب في جغرافيات محددة مثل التوقيع على إنهاء الحرب القديمة الطويلة بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في واشنطن، وقبل ذلك توقيف الحرب التي كانت ستكون مدمرة ولها عواقب وخيمة على السلام في العالم والتي نشبت بين باكستان والهند، طبعا بذل اترامب جهدا في إنهاء هذه الحرب من خلال اتصالات هاتفية محدودة مع زعماء وقادة البلدين، وتمكن من إنهاء الحرب بين إيران وربيبه المدلل إن جاز هذا التعبير مع أنه دعم طرفا خبيثا ظالما وغضَّ الطرف عن تجاوزاته واعتداءاته المتكررة على سيادة الدول، وأغمض العينين وأكثر عن جرائمه في غزة العزة والكرامة؛ ولم يتألم إن كان في قلبه مكان لذلك وهو يشاهد أشلاء النساء والأطفال في مشاهد يومية متكررة عرَّت قبح العالم؛ وماز الله بها الخبيث من الطيب، فمن كال في قلبه مثقال ذرة من إحساس بشري سيتألم لا محالة للمدنيين العُزَّل في مستشفيات غزة، وفي بقايا دورها، وأثر شوارعها، وأطلال أسواقها، وسيبلغ به الألم والتأثر مداه وهو يشاهد أجساد الأطفال مُقطعة بفعل آلة الغدر والقهر؛ حتى أن الأمر بلغ من الفظاعة بأن يرفع جنين قطع رأسه وهو في بطن أمه!! أي وحشية هذه؟ أي عداء؟ أي ظلم؟ أي قهر؟، لقد اسمع هذا المشهد كل حي، وتفاعل معه كل صاحب ضمير مهما كانت نسبة الإنسانية فيه ضعيفة، ونقيض ذلك يُجسد المقولة: ما لجرح بميت إيلام. لقد تابعنا مرارا فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وهو يندد ويطالب بإنهاء المعاناة في غزة وتوقيف آلة الحرب المدمرة التي تطحن أجساد الأبرياء؛ من ذلك ما كان أيام توليه قيادة القارة الإفريقية ومنه ما كان في مناسبات دولية أخرى، عبر عن ذلك تعبيرا مسطورا تارة، ومنطوقا تارات أخر، وعلى نهجه سارت الخارجية الموريتانية مرات عدة، وهذا جهد بلادنا ولا ينبغي أن نخدع أنفسنا بحديث الذات أن لنا جهدا فوق المطالبة والتنديد؛ ولقد يُعذر باذلُ مبلغِ الجهد. أما بخصوص صدى اللقاءات الجارية حاليا بين فخامة رئيس الجمهورية وبقية المدعوين من القادة الأفارقة مع الرئيس الأمريكي وأعوانه فإن ما تناهى إلى مسامعنا من حيثياتها وكواليسها يحسب حسابا جيدا بضارب كبير؛ حسب منطق الامتحانات التي يجريها طلاب الباكلوريا حاليا، فلقد حاز فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كامل الاحترام والتقدير في الخطاب والمعاملة والاعتبار أكثر من أي رئيس إفريقي حاضر في هذه اللقاءات المشهودة والمتابعة من العالم بأسره، وما كان ذلك بمحض الصدف؛ فالأشياء لا تقع من تلقاء نفسها، بل إن طبيعة فخامة الرئيس الغزواني الهادئة، ونجاحه في زرع السلام والتآخي إبان توليه رئاسة القارة الإفريقية حيث كانت بين يديه ملفاتها التي ذللها معتمدا على إطفاء الحرائق الدبلوماسية، وتجفيف منابع الخلاف، وردم كل ما من شأنه إنبات شوك الحروب أو إيقاظ جذوة الفتن، كل ذلك كان له رصيدا ناعما حرَّك مشاعر الدبلوماسية المؤثرة في العالم تُجاهه، احتراما وتقديرا، وهو ما ظهر على لسان اترامب الذي لا يجامل وإن اقتضت اللباقة الدبلوماسية ذلك، بل يتعدى بالألفاظ، ويهين بالإشارات، ويستفز بالحركات. لقد نجح الغزواني في كسب وُدِّ قادة العالم بالقوة الناعمة التي تقهر نرجسية كل سلطان غشوم، وتسلح بأمن وأمان بلاده، وهدوءها السياسي الذي عمل على تجسيده منذ توليه مقاليد الحكم؛ وزاد المجتمعين معه زهوا به أن بلاده أصبحت تدخل نوادي تصدير الغاز مشاركة وإضافة؛ لا بسطا ليد المتسول، لينضاف ذلك إلى الإمكانيات الهائلة والمقدرات التي حبا الله بها بلادنا؛ والتي حتما سيكون لها التأثير والنجاعة الأفيد في ظل قيادة منفتحة على قوى التحكم والتأثير في العالم دون ذوبان زائد أو تفريط مخل. أخيرا يمكن القول بكامل الثقة أن ما يحاول عبثا بعض المرجفين والمشوشين على النجاحات الدبلوماسية المشهودة من خلال نفث سموم الافتراء حول إمكانية نقاش استئناف علاقات بلادنا مع كيان الغدر والخيانة أو الانتظام فيما يعارض قول الباري جل وعلا في حصر الدين القويم عند الله في الإسلام أمر في غاية الزور والبهتان؛ وحري به أن لا يخرج إلا من فيي من يخرج من ضئضئ من قابلوا نبي الهدى والسلام بفحش القول وعظيم الشنآن.

الخميس، 10 يوليو 2025

طريق بلنوار انواذيبو والخطر المستجد/عثمان جدو

مما لا شك فيه أن الطرق المسفلتة والمواصلات الحديثة عموما لها فوائد لا تكاد تعد ولا تحصى؛ فقلد أصبحت هذه الوسائل ضرورة من ضرورات الحياة، فمن خلالها يتنقل الناس فرادى وجماعات عبر وسائل سريعة ومريحة إلى كل وجهة محبوبة أو عمل مُحتم أو لقضاء حاجة لازمة. لقد دأبت مصالح الدولة المختصة في هذا المجال خلال السنوات القليلة الماضية وفي الأيام الحالية التي نعيش لحظاتها لله الحمد وله المنة على إنشاء وصيانة الطرق؛ تعبيدا وتجسيرا، وتدعيما وصيانة، ولا فجاءة في ذلك؛ فالدولة من أوجب الواجبات عليها التدخل لإشباع حاجات مواطنيها الملحة، ومن آكد ذلك ما يُسهل حركة المواطنين ومركباتهم بأمان وينقل بضائعهم بسلاسة وسرعة؛ وفي سبيل إنجاز هذه الطرق تصرف الدولة أموالا طائلة، حاصلة من دفع الضرائب وبذل المقدرات والكنوز التي حبى الله بها بلادنا، وبالتالي فإن ترشيد هذه المصادر من أولى الأولويات... ونحن إذ نتناول اليوم في حديثنا طريق بلنوار انواذيبو وما طرأ عليه من أخطار،ناجمة أو مصاحبة على الأصح؛ لإنجاز مشروع آخر عملاق، وهام، وضروري، ألا وهو مشروع تزويد العاصمة الاقتصادية انواذيبو بالماء الصالح للشرب عن طريق بلنوار، وهو مشروع استراتيجي هام جدا جدا؛ ولا ينبغي أبدا أن يصاحبه أو يتولد عنه ما يحصل به التشويش على نتائجه المتوخاة والتي من أهمها إرواء عطش انواذيبو، وإنهاء معاناته مع إطلالة كل صيف. إن من أظهر المنغصات التي يمكن أن تشوش على تزويد انواذيبو بالماء الصالح للشرب؛ تلك المرتفعات الناتجة عن بقايا الصخور والأتربة فوق الأنابيب الكبرى التي نتجت أثناء عملية الحفر والردم؛والتي أصبحت مصدرا أساسيا لإنتاج ألسنة رملية وتثبيتها على ظهر الطريق المسفلت، مما يعيق حركة السيارات؛ خاصة الصغيرة منها والتي يعتمد عليها الأهالي في تنقلاتهم البين حضرية، وهذه الكثبان تكبر ويستفحل أمرها كلما أتى على المنطقة يوم عاصف؛ ولحظتها تتهدد سلامة المواطنين وتُعرض حياتهم للخطر الكبير، مما يحتم الالتزام بمقتضى دفاتر الالتزام عند البدء في تنفيذ المشروع والذي لا شك أنه نص على تسوية الأرض بعد انتهاء انجاز المشروع إلى سابق صورتها، مع أنه كان من الأولى قبل بدء المشروع أن تكون الدراسات أخذت بالحسبان أفضلية حفر الخنادق الحاضنة للأنابيب إلى جهة البحر وليس إلى جهة السكة الحديدية؛ حتى وإن قال قائل أن الشبكة القديمة كانت إلى الجهة الموالية للسكة الحديدية وأن ما حدث هو تجديد للشبكة مع تتبع نفس المسار، فإن هذا هو ما خلَّف هذه المعضلة الشائبة التي أصبحت بموجبها آليات إزالة التربة تعمل ليل نهار كي تحُدَّ من الخطر الذي ينجم عن بقاء الأتربة على ظهر الطريق. وحتى عملية إزالة التربة لم تتخذ لها الطريقة المثلى للتخلص منها وإبعاد ضررها؛ فمثلا عندما تحمل الآليات التربة الموجود على الطريق من جهة الشمال لا تذهب بها بعيدا عن الطريق جنوبا مما يولد ستارا ودفئا وحاضنة تزيد من بقاء التربة على قارعة الطريق؛ وبالتالي ستظل المعضلة دائمة الوجود مع ضمان التفاقم يوما بعد يوم، هذه الإجراءات الترقيعية التي تعتبر حلولا جزئية لا تقضي على لب المشكل إنما تفك قيده لأيام أو أسابيع؛ وسيظل الجهد مبذولا دون نتيجة نهائية مخلصة؛ وبالتالي فإن هذا النوع من الحلول اللانهائي والذي كان شائعا إبان إشراف رجال أعمال خصوصيين على صيانة الطرق، ومرده بالإساس بقاء الأسباب المعيقة كروافد لتغذية النشاط وعدم السعي في وجود الحل النهائي لأن معه تنتهي الأعمال وتتوقف الآليات عن حلب خزينة الدولة لصالح المشغل الخصوصي!!. لقد تغير الحال وأصبحت الشركة الوطنية لصيانة الطرق هي التي تتولى إزاحة هذه الرمال والمخاطر عن الطرق السيارة والحساسة؛ وعليه فإنه أصبح من اللازم تغيير هذه العقلية، وتلك الأنماط الرجعية التي تصب في مصلحة خاصة فحسب بل تخرب البنية التحتية للأوطان، لقد آن الأوان لاعتماد حلول ناجعة،وسريعة، ونهائية لهذه المشكلة المتعلقة بالرمال المتحركة والتربة الزاحفة نحو ظهر الطريق الحيوي والحساس؛ ولن يكون ذلك قبل القطيعة التامة مع الأساليب القديمة التي تعتمد على بقاء الحال على ما كان عليه. إن من أهم أساليب الوقاية والعلاج لهذه المعضلة: أولا: القيام بحملة تشجير كبرى لتلك المنطقة من أجل خلق حزام بيئي آمن في منطقتي العَيْوجْواصْويصْيَة أساسا الواقعتين بين بلنوار وانواذيبو، ويستحسن اعتماد كل ما يدعم الانتشار الأفقيللأشجار لا النمو العمودي. ثانيا: تسوية الأرض تماما الموجودة بين الطريق والسكة الحديدية؛ وإزالة تلك الربى التي ولدها الحفر الأخير والردم الرديف له بعد زرع الأنابيب المياه. ثالثا: إزالة الكثبان والمرتفعات التي نتجت جنوبا (إلى جهة البحر) عند تحويل التربة عن طريق الجرافات والآليات المستخدمة لإزالة الرمال عن الطريق؛ ويستحسن إبعادها عن الطريق مسافة 100 متر على الأقل. إن ترك بعض الشوائب والمنغصات ترافق هذه المشاريع الكبرى يُكدر صفْو الإنجاز ويحدُّ من قيمته الإجمالية ويُقوض تأثير طموح فخامة رئيس الجمهورية للوطن؛ الذي أراد من خلاله لهذه المشاريع أن تكون علامة فارقة في عقد الإنجاز، لا نقطة ضائعة في سلسلة الإهمال، فبسواعد أبناء الوطن البررة تُصان الجهود ويثمر الإنجاز، وبالخذلان يفشل المنجز حين يؤمل منه النجاح.

الأربعاء، 18 يونيو 2025

كن منصفا يا برام / عثمان جدو (مقال)

عندما يُطل علينا إنسان عادي وغير مُطَّلِع في هذا الظرف بالذات الذي تحققت فيه تسوية المسار الوظيفي لعدد كبير من المتعاونين؛ خاصة في مجالي الإعلام العمومي والطاقة تحديدا الكهرباء؛ الذين ظلت وضعيتهم مزرية وظالمةلعقود من الزمن رغم صبرهم عليها وعلى عاديات الزمن حتى أتاهم فرج الله بالخلاص والتسوية على يد فخامة رئيس الجمهورية؛ سنقوله له أقصِر، فما بالكم إن كان مصدر الكلام نائب برلماني وليس كأي نائب؛ إنه زعيم حركة إيرا والمرشح الرئاسي الحائز على المرتبة الثانية في آخر استحقاقين رئاسيين. لقد وعينا كثيرا وحفظنا عن ظهر قلب كل عبارات الشكر والمدح والتمجيد التي كانت تصدر عن النائب برام تُجاه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والتي ظهر فيما بعد أنمقصده كان مجرد إطراء؛ ترى ما الدافع وراء ذلك؟ إن المدح سلوك قديم؛ قِدم الإنسان، وهو تعبير بسيط عنالرضا والإعجاب بالممدوح، لكن عندما يتحول ذلك المدح إلى ضده أو يظهر أنه كان مجرد إطراء؛ فللأمر علاقة بالخفايا والنيات، خاصة إذا ظل الممدوح على حاله دون تغيير!!، سواء كان ذلك تبعا لثوابت خفية هي المحرك الأساسي لمصدر المدح من قبيل الطمع بالظفر بامتياز مادي أو معنوي، أو كانت له محركات أخرى ترتبط بالخوف من ذي بطش أو طمعا في ذي إكرام زائد؛ أو غير ذلك مما ينبئ عن خبث طوية واهتزاز في المبادئ التي تسير قهرا خلف النزعة المزاجية وإن لأتفه الأشياء، وكل هذا التذبذب لم يؤلف في مجتمعنا الذي يتبنى كل المسلمات الأخلاقية التي منها أنه ( عيب اعل فم اشكر يعيب). اعتقد جازما أن من تصدر للشأن العام عليه أن يتسلح بالثبات على الموافق السليمة وأن تكون تلك المواقف مدعمة بالصدق؛ فالصدق منجاةٌ، ويؤسس لها على توخي النفع الشامل للبلاد والعباد، ولا يسعفها أبدا أن تسقى فقط ببخار التمني الذي يتخذ لبوسا من حب الحظوة الشخصيةعلى حساب الجوامع الوطنية؛ وكلنا يعلم يقينا أن تكرار كلام العوام لأمر ما من قبيل أنت الرئيس الفعلي الناجح لا يُصيِّر عدم النجاح نجاحا، ولا يجعل الليل بدل النهار أبدا، فلكل أمر تجلياته، وعين الحقيقة لا تستقى من هذيان شذاذ الآفاق على آذان جُلاسهم حتى وإن كانوا بحجم مرشح رئاسي حاز المركز الثاني، فالأمر لا يعدوا كونه تطييبَ خاطر ممن تزلف إلى نصرة لم يهدَ بعد إلى صاحب فتكتها البكر التي مازال صداها تنتشي منه النفوس، وتُشنف الآذان من الإشادة به ردا للجميل على كامل الإنصاف وكريم الاعتبار. إن فكرة أنا أو الطوفان فكرة واهية في زمن التآزر والتعاضد والتشاركية، ومن نذير الفشل أن تظل مرفوعة في مكان ما، أو على هامة معينة، فالعمل السياسي اليوم لا يكتب له النجاح إلا باعتبار الندية بين المشتركين في قيادة أي مشروع سياسي ولنا في الجارة الجنوبية مثال حسن؛حسم الانتخابات الرئاسية الماضية.. إن من المآخذ الجلية على النائب برام كونه لا يرى بديلا عن نفسه، ولا عديلا له في رفقاء مشروعه السياسي، ويظهر ذلك في الخطاب، والتعامل، وتقدير الأمور، وتداول القضايا،وكل شيء، فهم عنده كأنما على رؤوسهم الطير، وهو إن خاطبهم زمجر؛ وإن استمعوا له ابتسموا في خشوع لو أنهم فعلوه في صلاتهم لكانوا أهدى سبيلا، ومعروف أن من مهلكات السلطان أن يستبد برأيه دوما على جلسائه، ومن نافلة القول أن ذلك أيضا من المهلكات لطالب السلطة الذي لم ينلها بعد. أخيرا على كل من يحاول استعطاف الشعوب من أجل أن يقودها، مهما كانت وسيلته إلى ذلك؛ عليه أن يلتصق بالأرض أولا، وأن يقلل من تزكية نفسه، وأن لا يغتر بكثرة ضجيج المتحلقين حوله، وليقدم للأمة ما ينفع الناس ويمكث في الأرض؛ لفظا وغاية، قيمة ومعنى، رسما ومبنى.

الأربعاء، 11 يونيو 2025

تسويات أحيت الأمل في رد بقية المظالم/عثمان جدو

مما لا شك فيه أن الاستثمار الذكي يبرز من خلال تحسين ظروف الموظفين الذي يتبوأ أهميته من التأثير الإيجابي على المردودية الإنتاجية؛ التي تتكئ أساسا على الرضا الوظيفي، الذي لا ينمو إلا في بيئة عمل مريحة وآمنة ومحفزة، وكل ذلك مُعين على جودة الأداء والابتكار والإسهام المباشر والفعال لتحقيق الأهداف المرسومة بدقة وفعالية. إن المتأمل لميدان العمل في بلادنا يدرك بجلاء التباينات الكبيرة في حدود الرعاية الضرورية لإنجاز العمل، وفي طبيعة المكافآت المرصودة لإنجاز المهام، وكذا في مستويات التقدير التي تعكسها مرآة التعامل عند التقابل أو التلاقي أو عند لطيف الاحتكاك؛ وتكاد تكون هذه المنطلقات تشكل النواة المشتركة، ونقطة الدوران المركزية التي يمر بها أو يلتقي عندها الجميع؛ مِنْ مؤثرين في ميدان العمل، ومَنْ كان لهم تبع، ويشترك في ذلك إلى حد كبير القطاع العام والقطاع الخاص؛ وكأن لسان الحال يثبت أن المهابة تقترن بحيازة كثير من الدراهم، وأن النفوذ يتهادى خلف غبار المال الذي هو صاحب السيادة المطلقة على الأعمال.. وقديما قال أبو العيناء: من كان يملك درهمين تعلمت - شفتاه أنواع الكلام فقالا/ وتقدم الفصحاء فاستمعوا له – ورأيته بين الورى مختالا. ولكي لا نتجاوز حد تشخيص الواقع إلى حدود المبالغة أو نصل شفير التشاؤم فسنقول بكل واقعية وإنصاف أن ما ذهبنا إليه آنفا كان هو السمة الغالبة والصبغة الطاغيةلعقود وسنوات خلت من عمر الجمهورية الإسلامية الموريتانية؛ دون أن نغفل عن التحسينات الكبيرة التي بدأت تطرأ على هذا الميدان، ميدان العمل والوظيفة والتشغيل، فانتقلنا من الظلم الذي لا رادَّ له إلى إنصاف أصحاب الحقوق وردِّ المظالم؛ وليس آخر ذلك تسوية وضعية أعداد كبيرة من العمال في مجالات حيوية وهامة جدا، ظلت لسنوات طويلة تعاني الإهمال والتقصير وتراكم الظلم؛ وطبعا مازالت هناك مجالات أخرى، وفئات بعينها لم تُنفض عنها غبرة الظلم، ولم تنزاح عنها قترة التغافل والنسيان. قبل سنوات تعرض أحد أشهر الشخصيات الإعلامية للظلم البين، ثم الفصل التعسفي وهذا ما أثبتته فيما بعد الأحكام القضائية المتتالية؛ لكن سطوة النفوذ منعته من الوصول إلى حقه، والولوج إلى مستحقاته، مضى بذلك سنوات حتى تغيرالمدير الآمر بالصرف وانصرفت معه سلطة آمره بتضييع الحق ومنع المستحق عن صاحبه؛ لا لشيء له صلة مباشرة بالعمل الذي يُولد الأحقية بنوال الحقوق، وإنما لردة فعل مشبعة بالإفراط في استغلال السلطة ضد كل مخالف للرأي سواء كان مُؤدَّى ذلك خطأ أو نسياناً أو خلافا لذلك، والأمثلة في مجالات أخرى كقطاع العدالة مثلا؛ قائمة، شاهدة، فلقد طال الظلم في الفترات الماضية القضاة، وغيرهم من المدنيين والعسكريين، وقد تكون لذلك مسوغاته عند البعض، لكنها مع التحقق والتدقيق لا توجد خِلوًا من الاستبداد الشخصي؛ المشوب دوما بنزعة نزوات المتسلط على من هم دونه جهدا ومقدرة، والحمد لله بدأت هذه الظاهرة في انحسار خلال السنوات القليلة الماضية. إن ما شُرع فيه من تسوية نهائية لوضعية عمال شركة الكهرباء الذين تجاوز عددهم 860 عاملا؛ رغم معاناتهم لعقود يؤكد أن هناك إرادة جادة، وصدقا في النيات لدى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني من أجل ردِّ المظالم، وتمكين المستحقين من حقوقهم الضائعة، وهذه الحالة تنطبق مائة بالمائة على المتعاونين في حقل الإعلام إذ بدأت التسوية النهائية لقضيتهم التي امتدت معاناتهم من عدم تسويتها وضياع حقوقهم في الماضي لزمن طويل، تعاقبت عليه إدارات، وتبدلت حكومات، وتغيرت قيادات وسُلطات، وطبعا في النهاية السارة لهذه الملفات الكبيرة المشتملة على أعداد كبيرة من الموظفين ما يذكي جذوة الإنصاف عند آخرين، نذكر منهم استئناسا؛ بعض عمال قطاع التعليم، فمثلا يحتاج ملف مقدمي خدمات التعليم إلى التسوية النهائية، وحل كل المشكلات المرتبطة به؛سواء على مستوى الدمج الإطاري، أو على مستوى الرواتب والتعويضات، وينضاف إليهم بعض عمال الدعم في بعض المؤسسات التربوية كالمعهد التربوي الوطني مثلا خاصة فئة المتعاونين في قطاع المطبعة والتي تعتبر القلب النابض للمعهد التربوي الوطني ويعتبر هؤلاء العمال على قلتهم حجر الزاوية في نشاطها الذي يتوج عادة بمرحلة طباعة الكتب ونشرها. وأخيرا نُذكر بالمظلمة التي تعرض لها مديرو المعاهد التربوية الجهوية في رواتبهم التي يقدم لهم المعهد التربوي الوطني مقابل خدماتهم له، فمقدار هذه الرواتب منصوص عليه في المرسوم المنظم للمعهد التربوي الوطني الذي يحمل الرقم 106/93 الصادر سنة 1993 فهذا المرسوم ينص في المادة 16 على أن المدير الجهوي يتماثل من ناحية الاستفادة المادية مع رئيس القطاع بالمعهد التربوي الوطني، وهذا مالم يحصل منذ قرابة عقد من الزمن؛ بل الأدهى من ذلك أن المدير الجهوي في هذه اللحظة من سنة 2025 لا يحصل إلا على نسبة 42,68 إثنان وأربعون فاصل ثمانية وستون من أصل المبلغ المذكور، وهو تحديدا 10500 أوقية جديدة من أصل 24600 أوقية جديدة هذا دون العلاوات والخفايا التي يحصل عليها غير المديرين الجهويين، ويحرمون هم من أبسطها طيلة هذه السنوات؛ فمتى ستنكف هذه الغُمة؟ ومتى يزول هذا الظلم؟ وهل سيحل بهؤلاء ما حل بعمال شركة الكهرباء، وعمال الإعلام من عدالة وتسوية؟؟ نُعوِّل على إرادة الله سبحانه وتعالى أولا، وثقتنا كبيرة في إنصاف فخامة رئيس الجمهورية الذي بدأ هذه المأمورية الثانية برد المظالم وتسوية النزاعات؛ وكلنا ثقة أن معالي الوزير الأول ستكون له عين باصرة وتدخل مضيء تجسيدا للأمانة والثقة التي أوكله فخامة الرئيس إياها.. وما ضاع حق وراءه مطالب، ومهما طال الليل، سينجلي الصباح، وتشرق الشمس، وتطير العصافير.

الجمعة، 30 مايو 2025

فوز مرشح موريتانيا.. انتصار دبلوماسي كبير

قبل بضع سنوات خلت؛ انثال الموريتانيون زرافات ووحدانا على فخامة رئيس الجمهورية وهو إذ ذاك مرشحا لكرسي الرئاسة، اجتمعوا حوله وسماه القاصي والداني مرشح الإجماع، وطبعا من نافلة القول أن اجتماعهم لم يكن مؤداه محض الغباء ولا تراكم الفضول.. لقد التف الموريتانيون حول رئيسهم المستقبلي لجملة من الخصال الحميدة الظاهرة التي منها استئناسا لا عدا ولا حصرا هدوءه المُتَّزِن واحترامه للجميع؛ فسكن قلوبهم،ومدوا إليه أيديهم، واحْنَوا رؤوسهم، وترجموا صدق ذلك بتصويتهم الباهر له وانتخابه رئيسا للبلاد، رئيسا يشكل مرجعا ناظما لكل الخيوط الاجتماعية، ثم صوتوا له ثانيةبعد خمس سنوات من قيادته للبلاد بهدوء وكياسة، وحذاقة،ولباقة منزوعة التشنج؛ خِلْوًا من التعصب أو استغلال النفوذ ظاهرا أو باطنا، وطبعا كلنا يعرف تلازم استغلال النفوذ مع كرسي القيادة أحرى الرئاسة. لقد انطبعت السنوات الأولى لقيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بطابع الهدوء والسكينة حتى عُدت التهدئة السياسية أهم المكاسب الوطنية حينها؛ فزاحم المعارض العتيق الموالي القديم مناصرة للرئيس ودعما لتوجهاته وقراراته، وطبعا تغيرت الخارطة السياسية وأبانت عن مشهد جديد انقبضت فيه رقعة المعارضة واتسعت رقعة الولاء والمؤازة مما أسس للوحة سياسية وطنية قلَّ فيها الصوت النشاز وإن لم ينعدم؛ لكنه انحسر وانكشفت سوءاته. كلنا يتذكر مظالم شهيرة رُدت عن أصحابها وزال عنهم ضررها، منهم رموز في الإعلام وإخوان لهم في القضاء وغيرهم في مجالات أخرى، منهم الرفعاء، ومنهم البسطاء،اختلفوا في الصفة والمستوى، واتحدوا في الصلة والإنصاف، الإنصاف من طرف فخامة رئيس الجمهورية، ومعروف أن الإنصاف من شيم الأشراف. لقد رأت برامج اجتماعية كثيرة النور في العهدة الرئاسية الأولى وما مضى من الثانية؛ من ذلك التأمين الصحي الذي اتجه نحو الشمولية فدخل تحت ظله مئات آلاف الأفراد والأسر، ووزعت الإعانات المالية والغذائية، طبعا قد يقول قائل إن هذا لا يكفي لمواجهة مستنقع الفقر وموجات البطالة؛ صحيح لكنه يحد من تأثيرات هذه الظواهر المتجذرةويُعين على مواجهة إكراهات الحياة الكثيرة، ويجعل من البرامج الحكومية الأخرى ذات الصلة نفعًا وجدوائية. يضيق المقام عن ذكر كل مجال على حدة وبالتفصيل المجزي، لكن في ذكر بعض المشاريع إشارة وبشارة وكفاية لمن أراد دراية دون إنكار بعد إظهار أو إخفاء بعد التجلي، ولنا فيما أُسس له على درب إرساء دعائم المدرسة الجمهورية دعامة وتسلية؛ فهي الحاضنة المستقبلية للجوامع الوطنية، وهي مسرح تلاقي الأجيال الآمن، فبتحقق مقاصدها ستختفي الكراهية بين فئات المجتمع، وتذوب الفوارق المعرفية، والاجتماعية، والسياسية ثم الاقتصادية. ومما يذكر ويُشاد به ما حصل من رفع قيمة للمرأة تمثيلا وتوظيفا واعتبارا.. ومن ذلك المساحة المتقدمة التي مُنِحت للشؤون الإسلامية عموما؛ إن على السيادة الوزارية أو المسابقات الإثرائية.. ومما لا شك فيه أن تهيئة مناخ الاستثمار لا تقل أهمية واعتبارا عن تهدئة الجو السياسي، فإن كان التناغم السياسي يرسي دعائم التنمية، ويزيل الحواجز والمطبات أمام المشاريع الكبرى، ويسمح بإحداث نهضة تنموية شاملة فإن تهيئة مناخ الاستثمار هي الجاذب الأول للاستثمارات الكبرى مع ما تزرعه من طمأنينة تضمن سيرورة تلك العلاقة المثمرة بين المستثمر وبيئة الاستثمار، وهنا نقف على استثمارات ضخمة تجلت داخل البيئة الموريتانية منها مثالا لا حصرا مشاريع الغاز التي تعد الأحدث وطبعا سبقها الكثير والكثير وفي مجالات شتى؛ الشيء الذي سيكون له مع مرور الوقت المردود الإيجابي الذي سينعكس بالانتعاش على واقع ومآل الوطن عموما، مما سيعزز دخل الفرد ويؤمن مقدرات الناتج القومي الوطني. إن ما تقدم من نقاط مضيئة لم يكن له ليتجسد لولا الإرادة الصادقة لفخامة الرئيس والاتزان الأمني، الثابت والمتناسق وهو الذي يعد صمام الأمام لكل القضايا الوطنية.. إننا ندرك بجلاء أن تتويج بلادنا بفوز مرشحها برئاسة البنك الإفريقي للتنمية لم يأت اعتباطا ولا هو وليد الصدفة؛ إذ لا شيء يقع من تلقاء نفسه، ولكل أثر مؤثر، وقبل كل ثمرة أُلقيت بذرة، ولقد كان فخامة رئيس الجمهورية هو واضع البذرة الأولى لهذا الإنجاز ثم سقاها بالعلاقات الطيبة التي زرعها في نفوس القادة الأفارقة والشركاء الدوليين فآتت أكلها اليوم؛ فصار يوم الحصاد الكبير الذي تتحدث فيه كل الدول، والشعوب، والهيئات، والمنظمات عن اسم الجمهورية الإسلامية الموريتانية بكل نبل وشموخ، فهنيئا لفخامة رئيس الجمهورية بهذا النجاح الذي سيبقى أثره منتشر الندى؛بالغا كل مواطن، وهنيئا للمرشح الوطني الفائز، وهنيئا للقارة الإفريقية بالكفاءات الوطنية التي تتزين بالاستقامةوالنزاهة والإخلاص وحب الخير للآخرين.

موريتانيا تحت قيادة الرئيس ولد الغزواني: نجاحات دبلوماسية واقتصادية بارزة

منذ تولي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد الحكم، بدأت موريتانيا مرحلة جديدة من التحول السياسي والنهضة الاقتصادية والانفتاح الدبلوماسي. فقد اتسمت سنوات حكمه الأولى بإرساء دعائم الاستقرار السياسي، وتبني رؤية تنموية طموحة، وانتهاج دبلوماسية نشطة أعادت البلاد إلى واجهة المشهدين الإقليمي والدولي. توافق سياسي يعزز الاستقرار أحد أبرز إنجازات الرئيس الغزواني يتمثل في نجاحه في تكريس مناخ سياسي هادئ قائم على التوافق والحوار، وهو ما لم يكن سائدًا في مراحل سابقة من تاريخ البلاد. تمكن من جمع طيف واسع من القوى السياسية حول رؤية وطنية جامعة، ما أسهم في تخفيف حدة الاستقطاب السياسي، وخلق بيئة مناسبة للإصلاح والتقدم. هذا الإجماع لم يكن مجرد إجراء سياسي شكلي، بل أصبح ركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار الداخلي وتحقيق التنمية. دبلوماسية نشطة... حضور فاعل على الصعيد الدبلوماسي، أثبتت موريتانيا خلال السنوات الماضية قدرتها على لعب أدوار مؤثرة في المحيطين الإقليمي والدولي، بفضل استراتيجية خارجية متوازنة قادها الرئيس ولد الغزواني بحكمة وهدوء. وقد تجسدت هذه الجهود في النجاحات المتتالية التي حققتها الدبلوماسية الموريتانية، كان أبرزها قيادة حملة انتخابية ناجحة دعمت انتخاب الدكتور سيدي ولد التاه رئيسًا لمصرف غرب إفريقيا للتنمية، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ البلاد، ويعكس مكانتها المتصاعدة في المنظمات القارية. أثر ملموس من رئاسة الاتحاد الإفريقي رغم انتهاء فترة رئاسة الرئيس الغزواني للاتحاد الإفريقي، فإن الأثر الذي تركه لا يزال واضحًا وجليا. فقد تمكن خلال فترة وجيزة من الدفع بأجندة القارة نحو ملفات حيوية مثل الأمن، والتكامل الاقتصادي، ومكافحة الإرهاب، وحل النزاعات. كما ساهمت هذه الرئاسة في تعزيز صورة موريتانيا كدولة ذات مصداقية دبلوماسية، تملك من الحكمة والرصانة ما يجعلها شريكًا موثوقًا على مستوى القارة وخارجها. ومما لا شك فيه أن هذا الزخم السياسي والدبلوماسي ما زال ينعكس إيجابًا على علاقات البلاد بدول مثل السنغال، نيجيريا، وجنوب إفريقيا، إلى جانب الشركاء الدوليين التقليديين. نجاح انتخابي دولي يرسخ الثقة النتائج التي حصل عليها المرشح الموريتاني الدكتور سيدي ولد التاه في انتخابات رئاسة المصرف الإفريقي تعكس حجم التأثير الذي باتت تمارسه موريتانيا دوليًا. إذ حصل على دعم 76.18% من الأصوات، وهو رقم لافت يؤشر إلى الثقة المتزايدة التي باتت تحظى بها الدبلوماسية الموريتانية، ويكشف عن قدرة البلاد على المنافسة بفعالية في المحافل الدولية الكبرى، وهو ما كان ليتحقق لولا التخطيط المحكم والدور الفاعل الذي لعبه الرئيس ولد الغزواني وفريقه الدبلوماسي. اقتصاد في مسار التعافي والنمو على المستوى الداخلي، لم تغفل القيادة الموريتانية أهمية الإصلاح الاقتصادي، فقد وضعت الحكومة استراتيجيات تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، مع التركيز على استغلال الموارد الطبيعية وتحسين البنية التحتية وتنويع مصادر الدخل الوطني. تم تعزيز الاستثمارات في قطاعات حيوية كالصيد والزراعة والطاقة والمعادن، بالإضافة إلى مشاريع مهيكلة لتحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية، ما انعكس على جودة حياة المواطنين. نحو مستقبل واعد رغم التحديات الإقليمية والدولية، فإن موريتانيا بقيادة الرئيس الغزواني تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها الدولية وتحقيق طموحات شعبها. ويُعد الاستمرار في نهج الحوار السياسي وتكريس الدبلوماسية النشطة، بالتوازي مع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه لترسيخ المكاسب ومواجهة التحديات. إن النجاحات التي تحققت في السنوات الأخيرة لم تكن وليدة الصدفة، بل ثمرة لرؤية استراتيجية واضحة، وإرادة سياسية قوية، وإدارة حكيمة للموارد والفرص. وتبقى آفاق المستقبل واعدة إذا ما تواصل هذا النهج بثبات، وهو ما يجعل من التجربة الموريتانية تحت قيادة الرئيس محمد ولد الغزواني نموذجًا جديرًا بالمتابعة والتقدير. سيدنا السبتي

الجمعة، 9 مايو 2025

شرعية المنجز/ عثمان جدو (مقال)

في يوم من أيام الوطن التي ميزها التدشين وإزاحة الستار،كانت العاصمة انواكشوط على موعد مع فتح سجل التاريخ وبالذات في صفحة الإنجازات؛ تلك الإضافة التي تبقى بعد من باشروا إعدادها لتنعم بها أجيال الغد. لقد باشر فخامة رئيس الجمهورية محاطا بأعضاء الحكومة،وقادة الأمن، ورجال الدبلوماسية والساسة ،والوجهاء، تدشين منشآت ومرافق خِدمية هامة جدا؛ بدءا بالمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، ومعروف ما للتدعيم الإداري بالتكوين الجيد من قيمة ومرتكز يغذي الروافد الإدارية التي هي بوصلة التحكم ومتجه القيادة، والحال هي هي بالنسبةلحقل الصحافة الذي هو المرآة العاكسة لآهات وأنات الشعوب، وهو السلطة الرقابية المحكمة بقوة اللحظ ودقيق المتابعة؛ هذا إذا كان الدور مُقامٌ به كما يراد، ولن يوجد ذلك دون تكوين جيد، ومخرجات ناضجة وهو ما يضمنه تفعيل هذا المرفق الحيوي الهام، أما القضاء وما أدريك القضاء فهو الدعامة التي تستقيم باستقامتها الأمم وتتلاشى بفقدها مصداقيتها، وهنا تكمن حقيقة الأهمية وتبرز محورية الدور؛ إذ لا سلطان يدوم دون قضاء فعال، وعدالة مستقيمة المسار، ومن هذه النقاط ندرك أهمية هذا المحور وقيمة ومعنى هذا المبنى. في هذا اليوم أيضا بل في ذات اللحظات دُشن المعهد العالي للرقمنة إلى جانب مركز انواكشوط للبيانات ولكل منهما ميزته العالية وقيمته الكبيرة الظاهرة من خلال الدور الذي سيضطلع به، فتكوين الأجيال على علوم العصر التي تتحكم في مسار التكنلوجيا وتساير تطور الذكاء الاصطناعي أمر لا مفر منه؛ بل ضرورة أصبحت تُزاحم الحاجيات الأساسية للإنسان من أكل وشرب ونوم.. وطبعا لا تخفى على ذي عقل راجح أو بصيرة مستنيرة أهمية تدقيق وتأمين البيانات الرقمية وتوطينها، وضمان توفرها في كل الظروف مهما طرأ من طارئ أو طرق من أزمات، كل ذلك مع كامل التمكين داخل البلاد وبعقول وأدمغة وطنية مع ما يحمله ذلك من دلالة معنوية وشحنة سيادية تثلج صدور كل الواثقين في أوطانهم. بعد ذلك مباشرة وفي نفس الزوال؛ وقبل أن تنزاح الشمس عن كبد السماء أزيح الستار عن مركز وطني لنقل الدم من أجل ضمان توفير وتطوير نقل الدم ومشتقاته وهي لعمري قضية محورية ضمن الاستراتيجية الوطنية لتطوير المنظومة الصحية؛ ضمانا للتدخل الفوري لإنقاذ الأرواح، إنْ على مستوى الحالات الطارئة أو أمراض الدم وكذا حوادث السير، والعمليات الجراحية، وما قد يترتب على عمليات الولادة إلى غير ذلك من الإكراهات التي تستدعي التدخل والمساعدة والإنقاذ، فكل هذه الأمور تفرض ضرورة وجود آلية فعالة لتوفير ونقل الدم بفاعلية مستديمة، ومن هنا تأتي أهمية هذا المشروع الذي وُفِّقت الحكومة لوضع حجره الأساس لتواكب بذلك التطورات الحاصلة في المجال الصحي على الصعيد الدولي بما يقتضيه ذلك من تطوير وانسجام؛ ليكون بذلك أول منشأة وطنية متخصصة في هذا المجال بالذات. وفي مساء نفس اليوم الثامن مايو 2025 واصل فخامة رئيس الجمهورية سلسلة التدشينات وهذه المرة من ساحة المطار القديم حيث المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية؛ في تقريب لشمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم من الزائر والمتلقي وفي استفادة كبيرة من وسائل التكنلوجيا المتطورة، كل ذلك لتبسيط وصول المعلومة المرتبطة بالسيرة النبوية سواء عن طريق مجسمات الإيضاح أو من خلال شاشات العرض الذكية والمعلومات المنسابة المتدفقة، فهنيئا لمن خدموا سيرة المصطفى الشفيع عليه أفضل الصلاة والسلام مهما كان الجهد وأيا كانت زاوية البذل والخدمة. قبل كل هذه الأحداث من تدشينات وغيرها؛ سبقتها في يوم واحد أمور تستوجب التوقف والذكر والإشادة منها مثالا لا حصرا مصادقة مجلس الوزراء على إنشاء جامعة انواذيبو وهي بلا شك ستكون صرحا علميا يضيف لبنة جد إيجابية نحو تحقيق التقدم والنماء والتمكين للأجيال القادمة، وهي في ذات الوقت ستكون أداة لمحاربة الشذوذ الأخلاقي،والشرود التعليمي من خلال تقريب وتبسيط التحصيل العلمي، وتحقيق الكفاءة في التمدرس العالي. إذن حقَّ لنا أن نسمي هذا اليوم الذي شهد كل هذه الأحداث الوطنية المضيئة باليوم الوطني المميز فالرابح من كل هذه المنشآت هو الوطن، وهي باقية لأجياله القادمة،وذلك هو عين الخدمة الوطنية الزكية.

الجمعة، 25 أبريل 2025

نواب زلت أقدامهم/ عثمان جدو

لا شك أن عرفاء الشعب الذين يختارهم الناس لتمثيلهم في أهم هيأة لتدبير شؤون حياتهم وترتيب مصالحهم، فينوبون عنهم في ذلك ويقررون عليهم بفعل ذلك التفويض الذي يخولهم كامل الختم والتوقيع والإمضاء، لا شك أن هؤلاء يُناط بهم من المسؤوليات تجاه من انتدبهم أعظمها، وعلى كاهلهم من الحقوق في رعايتهم أثبتها، فهم حين يتكلمون يتكلمون عنهم، وحين يقررون فباسمهم يقررون، ومن السخافة العقلية أن يَظُنَّ أحدهم بعد حديثه الجارح الموجه إلى جهة ما أنه عبَّر عن ذاته فقط أو أخرج ما في مكنونه هو حصرا دون إشراك غيره ممن انتدبوه أصلا، وكانوا هم جسر الوصول الذي جلس بعد النزول منه مباشرة تحت قبة البرلمان.. إن العبارة التي تُحسِّن نقيضها حتما يُخشِّن، وطيب الكلام له صدىً إيجابيٌ في النفس، وله حلاوة في السمع،وله نشوة الترديد، وطلاوة التذكير، وخبيث الكلام له عكس النتائج، واللسان ترجمان القلب ومرآته العاكسة، ومحيَّا المرء أصدق ترجمان عن مغيبٍ في كنهه، وكل إناء بالذي فيه ينضح، وكل ذات بما فيها تفيض. صحيح أنه في الأيام والأسابيع الماضية عجَّت الساحة السياسية و الإعلامية بتدوال كلمات ومواقف لا يُؤَم كثير منها ولا يقتدى بمصدرها غالبا؛ فكما ينظر ابتداء إلى أن دخول أحدهم البرلمان جاء بعد تصويت فلان وعلان، وبعد بذلهم الغالي والنفيس من أجل حصول ذلك التمثيل والوصول إلى ذلك الاعتماد؛ فإن كثيرا من المواطنين على فطرتهم الإنسانية وعفويتهم السليمة يَمُجُّونَ كل ما تعافه النفس البشرية السوية؛ من مناكر القول وفحش المقاصد لفظية كانت أو من خلال وسيلة موصلة أخرى، وبالتالي لا يرون ذواتهم في الإساءة والبذاءة إلى أي كان؛ أحرى أن يكون مصدرها من انتدبوه لتمثيلهم، ولأن طرائق الانتداب ومسالك الاعتماد الموصلة إلى التفويض مازالت تعتريها نواقص جمَّة فإن نتاج ذلك حتما سيكون دخول من لا يمثل شرف المواطن في وطنيته وانتمائه الذي لا يبغي به بدلا إلى حيث لم يكن ينبغي له أن يدخل ولا إلى حيث كان يجب أن لا يمثل فيه نفسه أحرى مجموعة بشرية قد يغلب عليها طابع البساطة والعفوية، هذا مع ضيق المدارك وعدم الإحاطة بمآلات الأمور؛ لكنها رغم ذلك لا تتقاطع في المقاصد مع من يريد ببلادها تمزيقا أو يوجه إلى قادة وطنها بذاءة أو إساءة حتى وإن عمها الصمت أو تظاهر راكب أمواجٍ أنه لرجع صوته المبحوح كرها تعكس الصدى أو هي له كموضع الراحة من الندى. إننا وإسقاطا لما تقدم من طرح على واقع الأحداث التي تعكسها منصات الأخبار ووسائط التواصل الاجتماعي؛ندرك جليا أن هناك تحامل لا تخطئه عين ناظر ولا أذن سامع؛ ومن ذلك ما صدر عن نائبة يفترض بها احترام تجربتها التي تمتد لثلاث إنابات برلمانية، والواقع أن من توقف مع ألفاظها سيدرك حجم ذلك التحامل الذي يشي بحقيقة المقصد، وطبيعة الرافد مما يسهل فهم روح الحمية التي تغذيها النداءات اللونية أكثر من الجوامع الوطنية؛ وإلا لما استعاضت عن مصطلح عام يستخدم إقليميا ودوليا وفي مجالات البحث والمعالجة بآخر من عندها؛ يذكي جذوة النعرات ويُبعد حقيقة القضية عن شحنتها المعنوية، وأنتم تدركون جميعا البون الشاسع بين مدلول (الطرد الجماعي) وبين ترحيل مهاجرين غير نظاميين، يضربون بعرض الحائط الالتزام بالقوانين الناظمة، المتاحة والميسرة؛ خدمة لمصالحهم، ومصالح البلد المضيف لهم!!!. لا يختلف عن هذه النائبة الطاعنة في السن والتي كان عليها مراعاة ذلك بنداء أمومة تحنانًا إلى وطن يحتضن؛ لا يختلف عنها ضررا ما ذهب إليه نائب شاب يبدو أنه يمتطي صهوة جواد من وهم، سرجه نُسج من خيوط (خالف تعرف) لقذ دفع بهذا النائب حب اختصار الطريق الموصل إلى الشهرة مهما كانت الوسيلة إلى التعاطف حد النشوة مع قاتل مشارك بأبشع طريقة، وهي الجريمة التي هزلت المدينة الساحلية الهادئة قبل ذلك، فعكرت صفو الوداد، ومزقت وجه الإنسانية الوديع، وفي كثرة شهود هذه المحاكمة التي تبينت فيها حيثيات الواقعة، وانتشار تفاصيلها ما يغنينا عن إعادة بسط ذلك، وما هذه بأولى سقطات هذا النائب؛ فلقد عمد وهو خارج البلاد بين ظهراني من لا يعيره وزنا ولا قيمة ولا يمنحه اعتبارا، لاعتبارات وسياقات تاريخية منذ فجر الاستعمار إلى اليوم؛ عهد استنزاف الخيرات ولعب الوصاية بزرع الفتنة بين مكونات الشعب بطرق خفية وأخرى معلنة، في إحياء لنهج قديم حقيقته الجلية ( فرق تسد)، يشترك معه في هذه وتلك دعاة حقوق هم أقرب إلى عقوق الوطن من تتبع حقوق لا تفضي إلا إلى تخفيف العقوبة عن مجرم لا خلاف في جرمه أو إفلاته من إكمال العقاب، وما هذا بتعمير بلاد ولا بزرع حياة، إنما هو خراب في خراب وعمل ضد مجتمع وضد كيان وضد دولة. يأتي بعد كلام وموقف هذا النائب الشاب وتلك النائبة الشائبة ما صدر عن نائبتين بين هذا وتلك سنا ودنهما علما وفهما وإن كانتا أكثر من الجميع حماقة؛ على الأقل بالأدلة الظاهرة التي تعكسها التصرفات الرديفة للأقوال البذيئة، وقديما قالوا الفعل أبلغ من الكلام؛ ترى ما ذا يبقى من الوضوح إن تعزز فاحش الأقوال بشنيع المواقف، لقد اجتمع في هاتين النائبتين التعدي اللفظي وعدم صيانة هيبة الدولة ورموزها وهدر المصان من التقدير لرجال الأمن لحظة تأديتهم للخدمة العمومية. إن هذه التصرفات المشينة لم تعد مقبولة من عوام الناس أحرى من ينوب عنهم ويقرر عليهم، لكن الأسباب المنتجة لذلك دون عجب هي النعرات الضيقة والنداءات اللونية التي تعتبر معرَّة ومنقصة لكل مواطن بسيط ؛ والأدهى أن يكون مصدرها من يمتهن السياسة ويتصدر للريادة وتدبير الشأن العام؛ يُزاد ذلك بضَعف المؤهل العلمي عند بعض هؤلاء وانعدامه عند البعض الآخر، إذ لا يمكن أن نساوي في التعامل مع المسائل أياً تكن تلك المسائل بين متعلم جاهل، بين حاذق وأحمق، فمن تعلم فكرة واحدة أبطأت به عن جم المشاكل والمزالق، ومن انعدم عنده ذلك أسرع إلى كل تهلكة وانحدر مع كل هاوية؛ فالعلم نور يزين صاحبه، والجهل ظلام مهلك لمن يرومه.

ضرورة تصريح النواب بممتلكاتهم